أخفيت من حزني عليك وفي الحشا ... نار لها بين الضلوع ضرام
ولو انني أدّيت حقّك لم يكن ... لي بعد فقدك في الوجود مقام
وإذا الفتى أدّى الذي في وسعه ... وأتى بجهد ما عليه ملام
وكتبت في بعض المعاهد التي كان يأنس بها رحمة الله عليه «١»
: [السريع]
غبت فلا عين ولا مخبر ... ولا انتظار منك مرقوب
يا يوسف، أنت لنا يوسف ... وكلّنا في الحزن يعقوب
يوسف بن عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة ابن نافع الفهري «٢»
أوليته: كان عبد الرحمن أحد زعماء العرب بالأندلس، وكان ممن ثار منها من أصحاب بلج «٣»
عصبيّة لقتله، فخرج عن الأندلس إلى إفريقية، وجدّه عقبة بن نافع، هو الذي اختطّ قيروانها أيام معاوية بن أبي سفيان. قال عيسى بن أحمد: وهرب ابنه يوسف هذا من إفريقية إلى الأندلس مغاضبا له، أيام بشر بن صفوان الكلبي، فهوى الأندلس واستوطنها، فساد بها ثم تأمّر فيها.
حاله: كان شريفا جليلا، حازما عاقلا، اجتمع عليه أهل الأندلس من أجل أنه قرشي، بعد موت أميرهم ثوابة بن سلامة، ورضي به الخيار من مضر واليمن، فدانت له الأندلس تسع سنين وتسعة أشهر، وكان آخر الأمراء «٤»
بالأندلس، وعنه انتقل سلطانها إلى بني أمية. وأشرك الصّميل «٥»
بن حاتم في أمره، فتركت لذلك نسبة الأمر له، وكانت الحرب التي لم يعرف بالمشرق والمغرب أشدّ جلادا ولا أصبر رجالا منها، واعتزلها يوسف تحرّفا، وقام بأمرها الصّميل، وانهزم اليمانيون واستلحموا ملحمة عظيمة، واستوسق الأمر ليوسف. وغزا جلّيقية فعظم في عدوّها