للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ثم مال على الأرض، فبادرنا إليه فوجدناه ميّتا، فحفرنا له لحدا، وغسّلناه وكفّنّاه في رداء وصلّينا عليه، ودفنّاه.

وفاته: وفاة المترجم به سنة خمسين وستمائة.

محمد بن محمد بن محمد بن بيبش العبدري «١»

من أهل غرناطة، يكنى أبا عبد الله، ويعرف بابن بيبش «٢» .

حاله: كان «٣» خيّرا، منقبضا، عفّا، متصاونا، مشتغلا بما يعنيه، مضطلعا «٤» بالعربية، عاكفا عمره على تحقيق اللّغة، مشاركا في الطّب، متعيّشا من التّجارة في الكتب، أثرى منها، وحسنت حاله. وانتقل إلى سكنى سبتة، إلى أن حططت بها رسولا في عام اثنتين وخمسين وسبعمائة، فاستدعيته ونقلته إلى بلده، فقعد للإقراء به إلى أن توفي.

وجرى ذكره في بعض الموضوعات الأدبية بما نصّه «٥» : معلّم مدرّب، مسهّل مقرّب، له في صنعة العربية باع مديد، وفي هدفها سهم سديد، ومشاركة في الأدب لا يفارقها تسديد، خاصيّ المنازع مختصرها، مرتّب الأحوال مقرّرها، تميّز لأول وقته بالتّجارة في الكتب فسلّطت عليها «٦» منه أرضة آكلة، وسهم أصاب من رميتها شاكلة «٧» ، أترب بسببها وأثرى، وأغنى جهة وأفقر أخرى، وانتقل لهذا العهد الأخير إلى سكنى غرناطة «٨» مسقط رأسه، ومنبت غرسه، وجرت عليه جراية من أحباسها «٩» ، ووقع عليه قبول من ناسها، وبها تلاحق به الحمام، فكان من ترابها البداية وإليه التمام. وله شعر لم يقصر فيه عن المدى، وأدب توشّح بالإجادة وارتدى.

مشيخته: قرأ على شيخ الجماعة ببلده أبي جعفر بن الزبير، وعلى الخطيب أبي عبد الله بن رشيد، والوزير أبي محمد بن المؤذن المرادي، والأستاذ عبد الله بن الكمّاد، وسمع على الوزير المسنّ أبي محمد عبد المنعم بن سماك. وقرأ بسبتة على الأستاذ أبي إسحاق الغافقي.