ينيف على ما ذكر، فيكون الجميع باحتياط، خمسمائة ألف وستّون ألفا، والمستفاد فيها من الطعام المختلف الحبوب للجانب السلطاني، ثلاثمائة ألف قدح ويزيد، ويشتمل سورها وما وراءه من الأرحاء الطّاحنة بالماء، على ما ينيف على مائة وثلاثين رحى «١» ، ألحفها الله جناح الأمنة، ولا قطع عنها مادّة الرحمة، بفضله وكرمه.
[فصل]
وقد فرغنا من ذكر رسوم هذا القطر ومعاهده، وفرغنا من تصويره وتشكيله، وذكر قراه وجنّاته «٢» ، وقصوره ومتنزّهاته، فنحن الآن نذكر بعضا من سير أهله، وأخلاقهم، وغير ذلك من أحوالهم بإجمال واختصار، فنقول «٣» :
أحوال هذا القطر في الدّين وصلاح العقائد أحوال سنيّة، والنّحل فيهم معروفة «٤» ؛ فمذاهبهم «٥» على مذهب مالك بن أنس، إمام دار الهجرة جارية، وطاعتهم للأمراء محكمة، وأخلاقهم في احتمال المعاون الجبائيّة جميلة.
وصورهم حسنة، وأنوفهم»
معتدلة غير حادّة، وشعورهم سود مرسلة، وقدودهم متوسطة معتدلة، إلى القصر، وألوانهم زهر مشربة بحمرة، وألسنتهم فصيحة عربية، يتخلّلها غرب «٧» كثير، وتغلب عليهم «٨» الإمالة، وأخلاقهم أبيّة في معاني المنازعات، وأنسابهم عربيّة، وفيهم من البربر والمهاجرة كثير. ولباسهم الغالب على طرقاتهم «٩» ، الفاشي بينهم، الملفّ المصبوغ «١٠» شتاء، وتتفاضل «١١» أجناس البزّ «١٢» بتفاضل الجدّة، والمقدار، والكتّان والحرير، والقطن، والمرعزّى، والأردية الإفريقيّة، والمقاطع التونسية، والمآزر المشفوعة صيفا، فتبصرهم في المساجد، أيّام الجمع، كأنّهم الأزهار المفتّحة، في البطاح الكريمة، تحت الأهوية المعتدلة.