للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفتحت فاس على يديه ... والملك العليّ حلّه لديه

وكان ذا فضل وهدى وورع ... قد رسم الملك فيهم واخترع

ثم أتت وفاته المشهوره ... فولّي المنصور تلك الصّوره

وهو أبو يوسف غلّاب العدا ... وواحد الأملاك بأسا وندى

ممهّد الملك وموري الزّند ... وباسط العدل ومولي الرّفد

مدّت إلى نصرته الأكفّ ... والروم في العدوان لا تكفّ

فاقتحم البحر سريعا وعبر ... ودافع الأعداء فيها وصبر

ووقعت في عهده أمور ... وفتنة ضاقت لها الصّدور

وآلت الحال إلى التئام ... فما أضيعت حرمة الإسلام

حتى إذا الله إليه قبضه ... قام ابنه يوسف فيها عوضه

وفاته: توفي في شهر المحرم عام خمسة وثمانين وستمائة، بالجزيرة الخضراء ودفن بها. ثم احتمل بعد إلى سلا، فدفن بالجبانة المعروفة هنالك لملوك من بني مرين. ومحلّ هذا السلطان في الملوك المجاهدين المرابطين معروف، تغمّده الله برحمته.

[الأعيان والوزراء والأماثل والكبراء]

[يحيى بن رحو بن تاشفين بن معطي بن شريفين]

أقرب القبائل المرينية إلى قبيل سلطانهم من بني حمامة. خدم جدّه بتونس، ثم بالأندلس، يكنى أبا زكريا، شيخ القبيل الزّناتي، ومحراب رأيهم، وقطب رحى حماتهم.

حاله: كان هذا الشيخ وحيد دهره، وفريد وقته، وشامة أهل جلدته، في النّبل والفطانة، والإدراك والرّجاحة، شديد الهزل مع البأو، والممالقة مع التّيقور، والمهاترة مع الحشمة، عارفا بأخلاق الملوك وشروط جلسائها، حسن التوصّل إليها، والتأتّي لأغراضها، بعيد الغور، كثير النّكراء، لطيف الحيلة، عارفا بسياسة الوطن، قيوما على أخلاق أهله، عديم الرّضا بسير الملوك وإن أعلقوا بالعروة الوثقى يده ويسّروا على عبور عقبة الصّراط عونه، وأقطعوه الجنّة وحده، طنازا «١» بهم، مغريا خائنة الأعين بتصرّفاتهم، مقتحما حمى اغتيابهم، قد اتخذ ذلك سجيّة أقطعته جانب القطيعة برهة،