حاله: الكاتب البليغ المحدّث الراوية. قال الأستاذ: كان من أهل العلم والمشاركة، وغلبت عليه الكتابة السلطانية واعتمدها صناعة. وكتب لجلّة من ملوك الأندلس والعدوة. وكان انفصاله من الأندلس قبل سنة أربعين وستمائة.
قلت: وكتب للسلطان المتوكل على الله أبي عبد الله بن هود «٢» ، ثم للسلطان المتوكل الغالب بالله أبي عبد الله بن نصر «٣» . وسكن بغرناطة مدة مديدة. ثم رحل إلى مراكش، فكتب عن أمير سبتة، وعن ملوك الموحدين بمراكش. ونمت حاله ونبهت رتبته، واستقلّ بالإنشاء بعد شيخه أبي زيد الفازازي، وكان محدّثا عارفا بالرواية، متعدد المشيخة، فاضلا، ديّنا، مشاركا في كثير من المعارف، حسن الخط، جيد الكتابة، متوسط الشعر. قلت: هذا الرجل له مشيخة في أصل ابن الخطيب، طويلة اختصرتها.
شعره ونثره: من ذلك ما جمع فيه بين النظم والنثر: [الكامل]
وافى الكتاب وقد تقلّد جيده ... ما أنت تحسن نظمه وتجيده
من كلّ معنى ضمن لفظه في حلى ... خطّ يزيل طلى الطرّوس فريده
أبا المطرّف، دعوة من خالص ... لعلاك غابت ودّه وشهيده
أنت الوحيد بلاغة وبراعة ... ولك البيان طريفه وتليده
إيه، أيها السيد الذي جلّت سيادته، وحلّت صميم الفؤاد سعادته، ودامت بها ينفع الناس عادته. ألقى إلى كتاب كريم خطّته تلك اليمنى التي اليمن فيها تخطّه، ونسّقت جواهر بيانه التي راق بها سمطه، فلا تسلوا عن ابتهاجي بأعاجيبه، وانتهاجي لأساليبه، وشدّة كلفي بالتماح وسيمه، وجدّة شغفي باسترواح نسيمه. فإنه قدم وأنس