كذا صمته خوف وفكر وخشية ... فما زال يخشى الله والكلّ يخشاه
يصوم وقد طال النهار مهجّرا ... وتبحر بالليل التغمّض «١» عيناه
فكم دارس أحياه من أربع التّقا ... وكم غاسق من حندس الليل أحياه
فيا طيّبا أصلا وذكرا وتربة ... ومنه استفاد الطّيب أطيب ريّاه
وفي حرقة تحنو ومرأى وباطنا «٢» ... وأمن سنا شمس الضحى من محيّاه
محيّا يروّي الناظرين تهلّلا ... فتعرفه في الصالحين بسيماه
بحبّك هامت كلّ نفس منيبة ... كذا من أحبّ الله حبّبه الله
فما أنعم الأرض التي بك قدّست ... وآثر ذيّاك الضريح وأنداه
بشراك إنّا قد شغلنا بحزننا ... ورضوان بشراه بذلك بشراه
عزا لأهليه الأهلة أنهم ... لهم يعتري من بعده العزّ والجاه
نال شعيب في الزمان بدوره ... ولم تكن الشمس المنيرة إلّاه
أعزّي أولي الإيمان كلّا بفقده ... نعم وأسنّيه بحبّه مأواه
سقى الله وسميّ الحيا ذلك الثرى ... وغاداه صوب الغاديات وميّاه
كما قد سقاه ليلة الدّفن ربّه ... من الغيث وكّاف السحاب وأسخاه
ترضّوا عن القاضي الإمام خطيبكم ... فقد رضي الرحمن عنه وأرضاه
وصلّوا على هادي الأنام نبيّكم ... صلاة بها يمحو المسيء خطاياه
عليك سلام الله ما الروض فاح إن ... سرت سحرا ريح الصّبا بخزاماه
وفاته: توفي، رحمه الله، في رمضان، تحقيقا من سنة خمس «٣» على شكّ وسبعمائة، أخبرني بذلك من يوثق به.
[محمد بن عبد الله بن الحاج البضيعة]
من أهل مالقة، وتردّد كثيرا على الحضرة، مسترفدا ومنشدا، وفي غير ذلك من الأغراض، يكنّى أبا عبد الله.
حاله وشعره: من الإكليل: شاعر اتخذ النظم بضاعة، وما ترك السعي في مذاهبه ساعة، أجرى في الملا، لا في الخلا، وجعل ذكره دلوه من الدّلا، وركض