وفاته: ركب «١» البحر قاصدا الحج، فتوفي شهيدا في البحر؛ قتله الرّوم بمرسى تونس مع جماعة من المسلمين، صبح يوم الأحد، في العشر الوسط من شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمسمائة «٢» .
[عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد الأنصاري]
يكنى أبا بكر، ويعرف بابن الفصّال.
حاله: هذا الرجل فاضل عريق في العدالة، ذكيّ، نبيل، مختصر الجرم، شعلة من شعل الإدراك، مليح المحاورة، عظيم الكفاية، طالب متقن. قرأ على مشيخة بلده، واختصّ منهم بمولى النعمة على أبناء جنسه، أبي سعيد ابن لب، واستظهر من حفظه كتبا كثيرة، منها كتاب التفريع في الفروع، وارتسم في العدول، وتعاطى لهذا العهد الأدب، فبرّز في فنّه.
أدبه: مما جمع فيه بين نظمه ونثره، قوله يخاطب الكتّاب، ويسحر ببراعته الألباب:[الطويل]
ويذكر ما بين الجوانح من جوى ... وشوق إليهم مقعد ومقيم
يا كتّاب المحلّ السامي، والإمام المتسامي، وواكف الأدب البسّامي، أناشدكم بانتظامي، في محبّتكم وارتسامي، وأقسم بحقّكم عليّ وحبّذا إقسامي، ألا ما أمددتم بأذهانكم الثاقبة، وأسعدتم بأفكاركم النّيرة الواقبة، على إخراج هذا المسمّى، وشرح ما أبهمه المعمّى، فلعمري لقد أحرق مزاجي، وفرّق امتزاجي، وأظلم به وهاجي، وغطّى على مرآة ابتهاجي، فأعينوني بقوة ما استطعتم، وأقطعوني من مددكم ما قطعتم، وآتوني بذلك كلّه إعانة وسدّا وإلّا فها هو بين يديكم ففكّوا غلقه، واسردوا خلقه، واجمعوا مضغه المتباينة وعلقه، حتى يستقيم جسدا قائما بذاته، متّصفا بصفاته المذكورة ولذّاته، قائلا بتسلّيه أسلوبا، مصحفا كان أو مقلوبا. وإن تأبّى عليكم وتمنّع، وأدركه الحياء فتستّر وتقنّع، وضرب على آذان الشّهدا، وربط على قلوبهم من الإرشاد له والاهتداء، فابعثوا أحدكم إلى