رجب من عام سبعة وستين وخمسمائة «١» وله ثمانية وأربعون عاما، ووصل أمره أبو القمر هلال «٢» ، وألقى باليدين إلى الموحدين، فنزل على عهد ورسوم حسبما يأتي في موضعه.
[محمد بن يوسف بن هود الجذامي]
أمير المسلمين بالأندلس، يكنى أبا عبد الله، ويلقب من الألقاب السلطانية بالمتوكل على الله «٣» .
أوّليّته: من ولد المستعين بن هود. وأوّليتهم معروفة، ودولتهم مشهورة، وأمراؤهم مذكورون. خرج من مرسية تاسع رجب عام خمسة وعشرين وستمائة إلى «الصّخور» من جهاتها، في نفر يسير من الجنود معه، وكان الناس يستشعرون ذلك، ويرتقبون ظهور مسمّى باسمه واسم أبيه، ويندّدون بإمرته وسلطانه. وجرى عليه بسبب ذلك امتحان في زمن الموحّدين مرات، إذ كان بعض الهاتفين بالأمور الكائنة، والقضايا المستقبلة، يقول لهم: يقوم عليكم قائم من صنف الجند، اسمه محمد بن يوسف، فقتلوا بسبب ذلك شخصا من أهل جيّان. ويقال إن شخصا ممن ينتحل ذلك، لقي ابن هود، فأمعن النظر إليه، ثم قال له: أنت سلطان الأندلس، فانظر لنفسك، وأنا أدلّك على من يقيم ملكك، فاذهب إلى المقدّم الغشتي فهو القائم بأمرك. وكان الغشتي «٤» رجلا صعلوكا «٥» يقطع الطريق، وتحت يده جماعة من أنجاد «٦» الرجال، وسباع الشرّار، قد اشتهر أمرهم، فنهض إلى المقدم، وعرض عليه الأمر، وقال: نستفتح بمغاورة إلى أرض العدو، على اسمك وعلى سعدك، ففعلوا، فجلبوا كثيرا من الغنائم والأسرى، وانضاف إلى ابن هود طوائف مثل هؤلاء، وبايعوه