من ذلك كثيرا من الأعلام المتقدمين، وأزرت آلاته بالحمايريات والصّفاريّات وغيرها من آلات المحكمين، وتغالى الناس في أثمانها، أخذ ذلك عن والده الشيخ المتفنن شيخ الجماعة في هذا الفن.
وفاته: في عام تسعة «١» وسبعمائة.
[أحمد بن محمد بن يوسف الأنصاري]
من أهل غرناطة؛ يكنى أبا جعفر، ويعرف بالحبالي.
حاله: عكف صدرا من زمانه منتظما في العدول «٢» ، آويا إلى تخصيص وسكون ودماثة، وحسن معاملة، له بصر بالمساحة والحساب، وله بصر بصناعة التعديل وجداول الأبراج، وتدرّب في أحكام النجوم، مقصود في العلاج بالرّقا والعزائم، من أولي المسّ والخبال، تعلّق بسبب هذه المنتحلات بأذيال الدول، وانبتّ من شيمته الأولى، فنال استعمالا في الشهادات المخزنية، وخبر منه أيام قربه من مبادئ الأمور والنّواهي، ومداخلة السلطان؛ صمت وعقل، واقتصار على معاناة ما امتحن به، وهو الآن بقيد الحياة.
مشيخته: أخذ تلك الصناعة عن الشيخ أبي عبد الله الفخّار، المعروف بأبي خزيمة، أحد البواقع الموسومين بصحة الحكم فيها، وعلى أبي زيد بن مثنى؛ وقرأ الطب على شيخنا أبي زكريا بن هذيل، رحمه الله؛ ونسب إليه عند الحادثة على الدولة وانتقالها إلى يد المتغلّب، اختيار وقت الثورة وضمان تمام الأمر، وشهد بذلك بخطّ، وغيب من إيثارها. فلما عاد الأمر إلى السلطان المزعج بسببها إلى العدوة، أوقع به نكيرا كثيرا، وضربه بالسّياط التي لم يخلّصه منها إلا أجله، وأجلاه إلى تونس في جملة المغرّبين في أواخر عام ثلاثة وستين وسبعمائة.
وأخبرني السلطان المذكور أن المترجم به كتب إليه بمدينة فاس، قبل شروعه في الوجهة، يخبره بعودة الملك إليه، وبإيقاعه المكروه الكبير به، بما شهد بمهارته في الصنعة، إن صحّ ذلك كله من قوانينها، نسأل الله أن يضفي علينا لبوس ستره، ويقينا شرّ عثرات الألسن بمنّه.