الاقتحام والتّسوّر، قادر على اللّصوق بالأشراف. رمى بنفسه على مشيخة الوقت يطرقهم طروق الأمراض الوافدة، حتى استوعب الأخذ عن أكثرهم، يفكّ عن فائدته فكّ المتبرّم، وينتزعها بواسطة الحيا، ويسلّط على قنصها جوارح التبذّل والإطراء، إلى أن ارتسم في المقرئين بغرناطة، محوّلا عليه بالنّحب والملق، وسدّ الترتيب المدني؛ ولوثة تعتاده في باب الرّكوب والثّقافة «١» ، وهو لا يستطيع أن يستقرّ بين دفّتي السّرج، ولا يفرق بين مبسوط الكف، أخذ نفسه في فنون، من قرآن، وعربيّة، وتفسير، وامتحن مرّات لجرّ حركة القلقلة الذي لا يملك عنانه، ثم تخلّص من ذلك، وهو على حاله إلى الآن.
مشيخته: قرأ على الخطيب ببسطة، وأبي الأصبغ بن عامر، والخطيبين بها أبي عبد الله وأبي إسحاق ابن عمّه، وأبي عبد الله بن جابر، وعلى أبي عثمان بن ليون بألمريّة، والخطيب أبي عبد الله بن الغربي بحمّة «٢» . وتلا القرآن بقراءاته السبع على شيخنا أبي عبد الله بن الوالي العوّاد. وروى عن شيخنا أبي الحسن بن الجيّاب، وعلى الحاج أبي الحجاج الساحلي، فكتب الإقراء، وأخذ الفقه عن الأستاذ أبي عبد الله البيّاني «٣» . وقرأ على قاضي الجماعة أبي القاسم البيّاني، وقرأ على قاضي الجماعة أبي القاسم الحسني. ولازم أستاذ الجماعة أبا عبد الله الفخّار، وقرأ عليه العربية، وصاهره على بنته الأستاذ المذكور، وانتفع به، إلى أن ساء ما بينهما عند وفاة الشيخ فرماه بترمية بيضاء تخلّقها، مثيرة عجب، مرّة. وحاله متصلة على ذلك، وقد ناهز الاكتهال.
أحمد بن حسن بن باصة الأسلمي المؤقّت بالمسجد الأعظم بغرناطة
أصله من شرق الأندلس، وانتقل إليها والده، يكنى أبا جعفر.
حاله: كان نسيج وحده، وقريع دهره، معرفة بالهيئة، وإحكاما للآلة الفلكية، ينحت منها بيده ذخائر، يقف عندها النظر والخبر، جمال خطّ، واستواء صنعة، وصحة وضع، بلغ في ذلك درجة عالية، ونال غاية بعيدة، حتى فضل بما ينسب إليه