للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأحمال السّبيك والمسبوك، واختلفت أمّ عبد الله لاستخراج ما أودع بطن الأرض، حتى لم يبق إلّا الخرثى والثّقل والسّقط. وزّع ذلك الأمير على قوّاده، ولم يستأثر منه بشيء. قال «١» : ورغب إليه مؤمّل في دخول القصر، فركب إليه، وكثر استحسانه إياه، وأمر بحفظه. وتفقّد أوضاعه وأفنيته. ونقل عبد الله إلى مرّاكش، وسنّه يوم خلع، خمس وثلاثون سنة وسبعة أشهر، فاستقرّ بها هو وأخوه تميم، وحلّ اعتقالهما، ورفّه عنهما، وأجري المرتّب والمساهمة عليهما. وأحسن عبد الله أداء الطاعة، مع لين الكلمة، فقضيت مآربه، وأسعفت رغباته، وخفّ على الدولة، واستراح واستريح منه، ورزق الولد في الخمول، فعاش له ابنان وبنت، جمع لهم المال. فلمّا توفي ترك مالا جمّا.

مولده: ولد عبد الله سنة سبع وأربعين وأربعمائة.

عبد الله بن علي بن محمد التّجيبي، الرئيس أبو محمد ابن إشقيلولة

حاله: كان رئيسا شجاعا، بهمة، حازما، أيّدا، جلدا. تولّى مدينة مالقة عقب وفاة الرئيس واليها أبي الوليد بن أبي الحجاج بن نصر، صنو أمير المسلمين، الغالب بالله، في أوائل عام خمسة وخمسين وستمائة. وكان صهر السلطان على إحدى بناته، وله منه محلّ كبير، ومكان قريب، وله من ملكه حظّ رغيب.

واستمرّت حاله إلى عام أربعة وستين وستمائة، وفسد ما بينه وبين وليّ العهد، الأمير أبي عبد الله محمد ابن أمير المسلمين أبي عبد الله الغالب بالله، إذ وغر له صدره، ولا بني أخيه الرئيسين، أبي محمد وأبي الحسن، ابني الرئيس أبي إسحاق بن إشقيلولة المتأمّرين بوادي آش، فضايقهم وأخافهم بما أدّاهم إلى الامتناع والدّعاء لأنفسهم والاستمساك بما بأيديهم. وعمّت المسلمين الفتنة المنسوبة إليهم، فانتزى هذا الرئيس بمدينة مالقة، وكان أملك لما بيده، واستعان بالنّصري، وشمّر عن ساعد الجدّ، فأباد الكثير من أعيان البلدة في باب توسّم التهم وتطرّق السعايات، واستولى على أموالهم. واستمرت الحال بين حرب أجلت فيها غلبة الأمير مخيفه، ولي العهد، بجيش النّصري، ونازل مالقة أربعين يوما، وشعّث الكثير بظاهرها، وتسمّى بعلم الأمير عند أهل مالقة، وما بين سلم ومهادنة. وفي عام