القائد والوزير بين القتادة والخرط، يكنى أبا الحسن.
أوليته: كان جدّه من المنتزين ببعض حصون الأندلس، طلياطة «٢» ، وخدم طاغية الروم ببعضها، وانخرط في جملته، يشهد بذلك مكتوبات تلقّاها بشماله ووراء ظهره، صانها حافده المترجم به في خرقة من السّرق لا يزال يعرضها في سبيل الفخر على من يصل إلى باب السلطان من رسل الرّوم. ولقد عرضها أيام سفارته إلى ملك قشتالة على وزيره شمويل اللبي اليهودي، وطلب تجديدها، فقال له: هذا يتضمن خدمة جدّك للسلطان مولاي جدّ مولاي السلطان بجملة من بلاد المسلمين، وفيها الشّكر له والرّعاية على ذلك، فاذهب أنت هذا المذهب الذي ذهبه جدّك، يتجدّد لك ذلك إن شاء الله، فلمّا هلك ووري بين مدافن الروم، بعد أن علّق زمانا من سور الحصن في وعاء، توفية لشرط لا أحقّقه الآن. ولحق ولده بباب السلطان، فتفيّأوا ظلّ كفالته، ونشأوا في عداد صبيته. ولمّا صلحوا للاستعمال، استخدم منهم عليّا كبيرهم في العمل، فاستظهر به على حفزه بحمى ألمرية وما إليها، فأثرى وراه استغنى، وطالت مدّة ولايته، واستعمل أخاه يوسف والد المترجم به، في القيادة، وكان رجلا مضعوفا، فاستمرّت حاله إلى أن فقد بصره، جنى عليه شؤم ولده الجلا شيخا زمنا.
ثم عاد إلى الأندلس فتوفي بها، حسبما يذكر في اسميهما. وكانوا يتبجّحون بنسبه إلى معن بن زائدة؛ طوّق جدّهم بتلك النسبة، بعض أولي التّنفق والكدية، فتعلّلوا منها بنسيج العناكب، وأكذبوها بالخلق الممقوت، والبخل بفتات القوت، والتعبّد لعبدة الطّاغوت إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ
«٣» .
حاله: هذا الرجل حسن الشكل، كثير الهشّة، جيّد الرّياش، كثير التعلّق والتّوسل، لصقت بشجرات الدول صمغته، وثبت بأسبابها قراده، شديد الملاطفة لحجبة الأبواب، والمداخلة لأذيال الأمراء، متصامم على أغراضهم، مكذّب لمحسوس جفوتهم، متنفّق بالسّعاية، متبذّل في أسواق الخدمة، يسبق في الطيالس، ويلفظ الزّبير، ويصرخ بالإطراء، ويولول بالدعاء، مدلّ في الأخونة، محكم في نفسه