للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد بن يحيى بن إبراهيم بن أحمد بن مالك ابن إبراهيم بن يحيى بن عبّاد النّفزي «١»

من أهل رندة، يكنى أبا عمرو، ويعرف بابن عبّاد، الحاجّ الصّوفي.

حاله: نشأ ببلده رندة، وهو من ذوي البيوتات الأصيلة بها، ثم رحل إلى المشرق، ولقي العلماء والصّوفية، وحضر عند المشيخة، ثم كرّ إلى الأندلس، فتصوف، وجال في النّواحي، واطّرح السّموت، وفوّت ما كان بيده من متاع الدّنيا، وكان له مال له خطر، وألقى التّصنّع لأهله رأسا. وكان فيه تولّه وحدّة، وله ذهن ثاقب، يتكلم في المعقولات والمنقولات، على طريقة الحكماء والصّوفية، ويأتي بكل عبارة غريبة، وآثاره هائلة من غير تمكّن علم، ولا وثاقة إدراك، غير أنك لا تسمع منه إلّا حسنا، وهو مع ذلك طوّاف على البلاد، زوّار للرّبط، صبّار على المجاهدة طوعا وضرورة، ولا يسأل ثيابا البتّة إلّا بذلة من ثوب أو غيره، صدقة واحد في وقته.

محنته وفضله وشعره: نمي عنه كلام بين يدي صاحب المغرب، أسف به مدبّر الدولة يومئذ، فأشخص عند إيابه إلى رندة وسجن بسجن أرباب الجرائم، فكتب إلى وليّ الأمر: [الطويل]

تركت لكم عزّ الغنى فأبيتم ... وأن تتركوني للمذلّة والفقر

ونازعتموني في الخمول وإنه ... لذي مهجتي أحلى من البنى والأمر

ثم قال: يا من رماني بسهمه الغرب، قد ردّ عليك مخضوبا بالدّم. قال: فو الله ما مرّت ثلاثة، حتى نفذ حكم الله فيمن عدا عليه.

وشعره حسن يدلّ على طبع معين، فمن ذلك: [الكامل]

سرى يسرّ إليّ أنك تاركي ... نفسي الفداء للطفك المتدارك

يا مالكي ولي الفخار بأنني ... لك في الهوى ملك وأنّك مالكي «٢»

التّرك هلك فاعفني منه وعد ... بالوصل تحيي ذا «٣» محبّ هالك