شهرته: وجعل الله له في قلوب كثير من الخلق، الملوك فمن دونهم، من تعظيمه ما لا شيء فوقه، حتى أن الشيخ المعمر الحجّة الرّحلة أبا علي ناصر الدين المشدالي كتب إليه من بجاية بما نصه: يا أيها العزيز، مسّنا وأهلنا الضّر، وجئنا ببضاعة مزجاة، فأوف لنا الكيل، وتصدّق علينا، إن الله يجزي المتصدّقين. وبعده:
من العبد الأصغر والمحبّ الأكبر فلان، إلى سيّد العارفين، وإمام المحققين، في ألفاظ تناسب هذا المعنى.
حدّثني شيخنا أبو الحسن بن الجيّاب، وكان من أعلام تلاميذه، وصدور السالكين على يديه، قال: قصدت منه خلوة، فقلت: يا سيدي، أصحابنا يزعمون أنك ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرني واشف صدري، هل هذه الرؤيا عينيّة أو قلبية؟
قال: فأفكر ساعة، ثم قال: عندي شك في رؤية ابن الجيّاب الساعة ومحادثته، فقلت: لا، فقال: كذلك الحال، قلت: وهذا أمر غريب، ولا يصح إلّا رؤية القلب، ولكن غلبت عليه حتى تخيّل في الحسّ الصورة الكريمة، إذ وجود جوهر واحد في محلّين اثنين محال.
شعره: نظم الكثير من شعر منحطّ لا يصلح للكتب ولا للرّواية، ابتلي به، رحمه الله، فمن لبابه قوله، وهو من الوسط «١» : [الكامل]
إن كنت تأمل «٢» أن تنال وصالهم ... فامح الهوى في القيل والأفعال
واصبر على مرّ الدواء فإنه ... يأتيك بعد بخالص السّلسال
وفاته: توفي يوم الجمعة الرابع والعشرين لشوال عام خمسة وثلاثين وسبعمائة، وكانت جنازته مشهودة، تزاحم الناس على نعشه، وتناولوه تمزيقا على عادتهم من ارتكاب القحة الباردة في مسلاخ حسن الظّن.
[محمد بن أحمد بن قاسم الأمي]
من أهل مالقة، يكنى أبا عبد الله، ويعرف بالقطّان، الفقيه الأوّاب المتكلم المجتهد.
حاله: من «العائد» : كان هذا الرجل غريب المنزع، عجيب التّصوّف. قرأ وعقد الشروط، وتصدّر للعدالة، ثم تجرّد، وصدق في معاملته لله، وعوّل عليه،