وفاته: ولما أراد الله إنفاذ حكمه فيه، قيّض له عبدا خصيّا حبشيّا، أسفه بقتل أخ له أو نسيب، في باب خيانة عثر له عليها، فاقتحم عليه دار الملك على حين غفلة، فدجّاه بسكين أعدّه لذلك، وضجّ القصر، وخرج وبالسلطان رمق، ثم توفي من الغد، أو قريبا منه، في أوائل ذي قعدة من عام ستة وسبعمائة، فكانت دولته إحدى وعشرين سنة وأشهرا، وانتقل إلى مدفن سلفه بسلا، وقبره بها. وركب قاتله فرسا أزعجها ركضا، يروم النجاة واللّحاق بالبلد المحصور، وسبقه الصّياح، فسدّ بعض الأبواب التي أمل النجاة منها، وقتل وألحق به كثير من جنسه.
وجرى ذكره في الرّجز المتضمن دول الملوك «١» من تأليفنا، بما نصّه:
[الرجز]
حتى إذا الله إليه قيّضه ... قام ابنه يوسف فيها عوّضه
وهو الهمام الملك الكبير ... فابتهج المنبر والسّرير
وضخم الملك وذاع الصّيت ... بملكه وانتظم الشّتيت
وساعد السّعد وأغضى الدّهر ... وخلص السّرّ له والجهر
وأمل الجود وخيف الباس ... واستشعر الخشية منه الناس
ثم تقضّى معظم الزمان ... مواصلا حصر بني زيّان
حتى أهلّ تلمسان للفرج ... ونشقوا من جانب اللطف الفرج
لما توفي درج السعد درج ... فانفرج ضيق الحصر عنها وانفرج
ونزل بظاهر غرناطة وببعض مروجها بقرية أشقطمر، في بعض غزوات أبيه إلى قرطبة، وتقدّم السلطان إليهم من البرّ والقرى، ما كثر الإخبار به والتعجب منه، ووجّه إليهم ولده وولي عهده.
يعقوب بن عبد الحق بن محيو بن بكر بن حمامة ابن محمد بن رزين بن فقوس بن كرناطة بن مرين «٢»
من قبيلة زناتة، أمير المسلمين، المكنى بأبي يوسف، الملقّب بالمنصور، رحمه الله.