بينهم بفلتة سماعه أخوّة الطريق. وهم أهل سذاجة وسلامة، أولو اقتصاد في ملبس وطعمة واقتيات بأدنى بلغة، ولهم في التعصّب نزعة خارجيّة «١» ، وأعظمهم ما بين مكتسب متسبّب؛ وبين معالج مدرة، ومريع حياكة، وبين أظهرهم من الذّعرة والصعاليك كثير، والطّرق إلى الله عدد أنفاس الخلائق، جعلنا الله ممّن قبل سعيه، وارتضى ما عنده، ويسّره لليسرى.
حاله: قام هذا الرجل مقام الشيخ أبي تمام قريبه على هيئة مهلكه، فسدّ مسدّه، على حال فتور وغرارة، حتى لان متن الخطة، وخفّ عليه بالمران ثقل الوظيفة، فأمّ وخطب، وقاد الجماعة من أهل الإرادة. وقضى في الأمور الشرعية بالرّبض، تحت ضبن «٢» قاضي الجماعة، وهو الآن بعده على حاله، حسن السّجيّة، دمث الأخلاق، ليّن العريكة، سهل الجانب، مقترن الصدق والعفّة، ظاهر الجدّة، محمود الطريقة، تطأه أقدام الكلف، وتطرّح به المطارح القاصية، حوى على الشفاعات، مستور الكفاية في لفق الضعف، متوالي شعلة الإدراك في حجر الغفلة، وجه من وجوه الحضرة في الجمهورية، مرعيّ الجانب، مخفّف الوظائف، مقصودا من منتامي «٣» أهل طريقه بالهدايا، مستدعى إلى من بالجهات منهم في كثير من الفصول، ظاهر الجدوى في نفير الجهاد، رحمه الله، ونفع بأهل الخير.
مولده: عام تسعة وسبعمائة.
وفاته: يوم الاثنين التاسع والعشرين لرمضان خمسة وستين وسبعمائة.
جعفر بن عبد الله بن محمد بن سيدبونة الخزاعي»
من أهل شرق الأندلس، من نظر دانية، يكنى أبا أحمد، الوليّ الشهير.
حاله: كان «٥» أحد الأعلام المنقطعي «٦» القرين في طريق كتاب الله، وأولي الهداية الحقّة، فذّ، شهير، شائع الخلّة، كثير الأتباع، بعيد الصيت، توجب حقّه حتى الأمم الدائنة بغير دين الإسلام، عند التغلّب على قرية مدفنه بما يقضى منه بالعجب.