قال الأستاذ أبو جعفر بن الزّبير عند ذكره في الصّلة «١» : أحد أعلام «٢» المشاهير فضلا وصلاحا؛ قرأ ببلنسية «٣» ، وكان يحفظ نصف «المدوّنة» وأقرأها، ويؤثر «٤» الحديث والتفسير والفقه، على غير ذلك من العلوم.
مشيخته: أخذ «٥» القراءات السبع عن المقرئ أبي الحسن بن هذيل، وأبي الحسن بن النّعمة، ورحل إلى المشرق، فلقي في رحلته جلّة، أشهرهم وأكبرهم في باب الزهد وأنواع سني الأحوال، ورفيع المقامات، الشيخ الجليل، الوليّ لله تعالى، العارف، أبو مدين شعيب «٦» بن الحسين، المقيم ببجاية، صحبه وانتفع به، ورجع من عنده بعجائب دينية، ورفيع أحوال إيمانية، وغلبت عليه العبادة، فشهر بها حتى رحل إليه الناس للتبرّك بدعائه، والتيمّن برؤيته ولقائه، فظهرت بركته على القليل والكثير منهم وارتووا زلالا من ذلك العذب النّمير، وحظّه من العلم مع عمله الجليل موفور، وعلمه نور على نور. لقيت قريبه الشيخ أبا تمام غالب بن حسين بن سيدبونة حين ورد غرناطة، فكان يحدّث عنه بعجائب.
دخوله غرناطة: وذكر المعتنون بأخباره بالحضرة إلى طريقه، أنه دخل الحضرة وصلّى في رابطة الرّبط من باب «٧» ... وأقام بها أياما، فلذلك المسجد المزية عندهم إلى اليوم. وانتقل الكثير من أهله وأذياله عند تغلّب العدو على الشرق على بلدهم، إلى هذه الحضرة، فسكنوا منها ربض البيّازين، على دين وانقباض وصلاح، فيحجّون بكنوز من أسراره، ومبشّراته مضنون بها على الناس. وبالحضرة اليوم منهم بقية تقدّم الإلماع بذكرهم.
وفاته: توفي، رحمه الله، بالموضع المعروف بزناتة، في شوّال سنة أربع وعشرين وستمائة، وقد نيّف على الثمانين «٨» .