حاله: من «المؤتمن»«٢» : كان هذا الرجل قيّما على التهذيب للبرادعي، حفظا وتفقها، يشارك في شيء من أصول الفقه، يطرّز بذلك مجالسه، مغربا به بين أقرانه من المدرسين في ذلك الوقت، لخلوّهم من تلك الطريقة بالجملة.
حضرت «٣» مجلس إقرائه، وكان ربعة، آدم اللون، خفيف العارضين، يلبس أحسن زيّ صنعة، وأحسن ما فيه ليس بحسن. وكان يدرس بجامع الأصدع من داخل مدينة فاس، ويحضر عليه نحو مائة نفس، ويقعد على كرسي عال ليسمع البعيد والقريب، على انخفاض كان في صوته، حسن الإقراء، وقورا فيه، سكونا، مثبتا، صابرا على هجوم طلبة البربر، وسوء طريقتهم في المناظرة والبحث، وكان أحد الأقطاب الذين تدور عليهم الفتوى أيام حياته، ترد عليه السؤالات من جميع بلاد المغرب، فيحسن التوقيع على ذلك، على طريقة من الاختصار وترك فضول القول. ولّي القضاء بفاس؛ قدّمه أبو الربيع سلطان المغرب وأقام أوده، وعضده، فانطلقت يده على أهل الجاه، وأقام الحق على الكبير والصغير، وجرى من العدل على صراط مستقيم. ونقم عليه اتخاذ شمّام يستنشق على الناس الخمر، ويحقّ أن ينتقد ذلك.
مشيخته: أخذ عن الفقيه راشد بن أبي راشد الوليدي، وانتفع به، وعليه كان اعتماده. وأخذ عن صهره أبي الحسن بن سليم، وأبي عمران الجورماني، وعن غيرهما «٤» . وقيّدت عنه بفاس على التهذيب وعلى رسالة أبي زيد، قيّدها عنه تلاميذه، وأبرزوها تأليفا كأبي سالم بن أبي يحيى.
وفاته: وفاته يوم الثلاثاء السادس لرمضان عام تسعة عشر وسبعمائة، ودخل غرناطة لمّا وصل رسولا على عهد مستقضيه، رحمهما الله.