كلها، جاريا في خلقه وأفعاله وأحواله على سنن السلف، أحفظ الناس للسانه وجوارحه وأصدقائه، وأسلمهم عينا ومشهدا، وأشدّهم تمسكا بهدي السلف الصالح، مؤثرا للخمول، سريع العبرة، شديد الخوف لله سبحانه، تاليا لكتاب الله، كثير الصوم، خفيف القدم في حوائج أصحابه، مشاركا لهم بأقصى ما يمكنه. له تقاييد جوابية عما كان يسأل عنه في الفن الذي كان يؤثره، محررا ما يلزم التقييد به من كتاب الله تعالى وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم، غير منافر لمذهب الأشعرية، مالكي المذهب، له اختيارات يسيرة لا يفتى بها، ولا تتعدّى علمه.
مشيخته: روى عن أبي تمام غالب بن حسن بن أحمد بن سيد بونة «١» ، وعن أبي العباس أحمد بن محمد بن شهيد، وأخذ أيضا عن أبي بكر بن محرم، وأجاز له أبو بكر بن المرابط، وقرأ على القاضي أبي القاسم بن يحيى بن ربيع، والقاضي أبي عيسى بن أبي السّداد المرسي، وغيرهم.
من أخباره: وكراماته شهيرة، فمنها أن رجلا استفتاه، فأفتاه بجواب لم يحصل له به الإقناع، فرأى في عالم النوم وإثر سؤاله إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول له: الحق ما قال لك فلان في المسألة. قال الحاكي: فبكّر إليه الرجل من الغد، فلمّا أقبل عليه بموضع إقرائه، قال له: ألم ترد أن تستفتي يا أبا فلان إلّا من رأس العين؟ فبهت الرجل. وأحواله شهيرة.
مولده: ولد عام سبعة وستمائة.
وفاته: في الثامن عشر من محرم عام تسعة وتسعين وستمائة. ودفن بمقبرة ربض البيّازين مع قومه من صلحاء الشّرق، وكانت جنازته مشهودة.
[ومن العمال الأثرا]
فلّوج العلج
مولى يحيى بن غانية «٢» .
حاله: كان فلّوج شهما شجاعا، مهيبا حازما، نال من مولاه حظوة، واستعان به على أموره المهمة. وجرى على يده إغرام أهل قرطبة، وانطلقت على أموالهم يده، وأثرى وجمع مالا دبرا من الصامت والذخيرة عظيما.