«١» من أهل غرناطة، يكنى أبا حيان، ويلقب من الألقاب المشرقية بأثير الدين.
حاله: كان «٢» نسيج وحده في ثقوب الذهن، وصحّة الإدراك والحفظ «٣» ، والاضطلاع بعلم العربية، والتفسير وطريق الرواية، إمام النّحاة في زمانه غير مدافع، نشأ ببلده «٤» غرناطة، مشارا إليه في التبريز بميدان الإدراك، وتغيير السوابق في مضمار التّحصيل. ونالته نبوة «٥» لحق بسببها بالمشرق، واستقرّ بمصر، فنال ما شاء من عزّ وشهرة، وتأثّل وبرّ «٦» وحظوة، وأضحى لمن حلّ بساحته من المغاربة ملجأ وعدّة.
وكان شديد البسط، مهيبا، جهوريا، مع الدّعابة والغزل، وطرح السّمت «٧» ، شاعرا مكثرا، مليح الحديث، لا يملّ وإن أطال، وأسنّ جدّا، وانتفع «٨» به. قال بعض أصحابنا: دخلت عليه، وهو يتوضّأ، وقد استقرّ على إحدى رجليه لغسل الأخرى، كما تفعل البرك والإوزّ، فقال «٩» : لو كنت اليوم جار شلير «١٠» ، ما تركني لهذا العمل في هذا السّن «١١» .
مشيخته: قرأ ببلده على الأستاذ حائز الرياسة أبي جعفر بن الزّبير ولازمه، وانتسب إليه، وانتفع به، وشاد له بالمشرق ذكرا كبيرا. ويقال إنه نادى في الناس عندما بلغه نعيه، وصلّى عليه بالقاهرة، وله إليه مخاطبات أدبية اختصرتها، وعلى الأستاذ الخطيب أبي جعفر علي بن محمد الرّعيني الطبّاع، والخطيب الصالح وليّ الله أبي الحسن فضل بن محمد بن علي بن إبراهيم بن فضيلة المعافري. وروى عن القاضي المحدّث أبي علي الحسين بن عبد العزيز بن أبي الأحوص الفهري،