الغداة، واقتفى البعث أثره، حتى وقعوا عليه، وسيق إلى مصرعه، وقتل بظاهر البلد، ثاني اليوم الذي كان غدر فيه، جعلها الله له شهادة ونفعه بها، فلقد كان بقيّة البيت، وآخر القوم، دماثة وحياء، وبعدا عن الشرّ، وركونا للعافية.
وأنشدت على قبره الذي ووريت به جثّته بالقلعة من ظاهر المدينة، قصيدة أدّيت فيها بعض حقّه:[الوافر]
بني الدنيا، بني لمع السّراب، ... لدوا للموت وابنوا للخراب
[إبراهيم بن يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص عمر ابن يحيى الهنتاني، أبو إسحاق]
أمير المؤمنين بتونس، وبلاد إفريقية، ابن الأمير أبي زكريا، أمير إفريقية، وأصل الملوك المتأثّلين العزّ بها، والفرع الذي دوّح بها، من فروع الموحّدين بالمغرب، واستجلابه بها أبا محمد عبد المؤمن بن علي، أبا الملوك من قومه، وتغلّب ذريته على المغرب وإفريقية والأندلس معروف كله، يفتقر بسطه إلى إطالة كثيرة، تخرج عن الغرض.
وكان جدّ هؤلاء الملوك من أصحاب المهدي، في العشرة الذين هبّوا لبيعته، وصحبوه في غربته، أبو حفص، عمر بن يحيى، ولم يزل هو وولده من بعده، مرفوع القدر، معروف الحق.
ولمّا صار الأمر للناصر «١» أبي عبد الله بن المنصور أبي يوسف يعقوب بن عبد المؤمن بن علي، صرف وجهه إلى إفريقية، ونزل بالمهديّة، وتلوّك إليه ابن غانية «٢» فيمن لفّه من العرب والأوباش، في جيش يسوق الشجر والمدر، فجهّز إلى لقائه عسكرا لنظر الشيخ أبي محمد عبد الواحد بن أبي حفص «٣» ، جدّهم الأقرب،