أروح وما يلقى التأسّف راحتي ... وأغدو ما يعدو التفجّع خطّتي
وكالبيض بيض الدهر والسّمر سوده ... مساءتها في طيّ طيب المسرّة
وشأن الهوى ما قد عرفت ولا تسل ... وحسبك أن لم يخبر الحبّ رؤيتي
سقام بلا برء، ضلال بلا هدى ... أوام بلا ريّ، دم لا بقيمة
ولا عتب فالأيام ليس لها رضا ... وإن ترض منها الصّبر فهو تعنّتي «١»
ألا أيها اللّوّام عني قوّضوا ... ركاب ملامي فهو أول محنتي
ولا تعذلوني في البكاء ولا البكى ... وخلّوا سبيلي ما استطعتم ولوعتي
فما سلسلت بالدمع عيني إن جنت ... ولكن رأت ذاك الجمال فجنّت
تجلّى وأرجاء الرّجاء حوالك ... ورشدي غاو والعمايات عمّت
فلم يستبن حتى كأني كاسف ... وراجعت إبصاري «٢» له وبصيرتي
ومن فصل الاتصال «٣» : [الطويل]
وكم موقف لي في الهوى خضت دونه ... عباب الرّدى بين الظّبا والأسنّة
فجاوزت في حدّي مجاهدتي له ... مشاهدتي لمّا سمت بي همّتي
وحلّ جمالي في الجلال فلا أرى ... سوى صورة التّنزيه في كلّ صورة
وغبت عن الأغيار في تيه حالتي ... فلم أنتبه حتى امتحى اسمي وكنيتي
وكاتبت ناسوتي بأمّارة الهوى ... وعدت إلى اللاهوت بالمطمئنّة
وعلم يقيني صار عينا حقيقة ... ولم يبق دوني حاجب غير هيبتي
وبدّلت بالتّلوين تمكين عزّة ... ومن كلّ أحوالي مقامات رفعة
وقد غبت بعد الفرق والجمع موقفي ... مع المحو والإثبات عند تثبّتي
وكم جلت في سمّ الخياط «٤» وضاق بي ... لبسطي وقبضي بسط وجه البسيطة
وما اخترت إلّا دنّ بقراط زاهدا ... وفي ملكوت النفس أكبر عبرة
وفقري مع الصّبر اصطفيت على الغنى ... مع الشكر إذ لم يحظ فيه مثوبتي
وأكتم حبّي ما كنى عنه أهله ... وأكني إذا هم صرّحوا بالخبيّة
وإنّي في جنسي ومنه لواحد ... كنوع، ففصل النوع علّة حصّتي