على أننا في القرب والبعد واحد ... تؤلّفنا «١» بالوصل عين التّشتّت
وكم من هجير خضت ظمآن طاويا ... إليها وديجور طويت برحلة «٢»
وفيها لقيت الموت أحمر والعدا ... بزرقة «٣» أسنان الرّماح وحدّة
وبيني وبين العذل فيها منازل ... تنسّيك أيام الفجار ومؤتة
ولمّا اقتسمنا خطّتينا فحامل ... فجار بلا أجر وحامل برّة
خلا مسمعي من ذكرها فاستعدته ... فعاد ختام الأمر أصل القضيّة
وكم لي على حكم الهوى من تجلّد ... دليل على أنّ الهوى من سجيّتي
يقول سميري والأسا سالم الأسى ... ولا توضع الأوزار إلّا لمحنة
لو أنّ مجوسا بتّ موقد نارها ... لما ظلّ إلّا منهلا ذا شريعة
ولو كنت بحرا لم يكن فيه نضحة ... لعين إذا نار الغرام استحرّت «٤»
فلا ردم من نقب «٥» المعاول آمن ... ولا هدم إلّا منك «٦» شيد بقوّة
فممّ تقول الأسطقسّات «٧» منك أو ... علام مزاج ركّبت أو طبيعة
فإن قام لم يثبت له منك قاعد ... وإلّا فأنت الدّهر صاحب قعدة
فما أنت يا هذا الهوى؟ ماء أو هوا ... أم النار أم دسّاس عرق الأمومة؟
وإني على صبري كما أنت «٨» واصف ... وحالي أقوى القائمين بحجّة
أقلّ الضّنى أن عجّ من جسمي الضّنى ... وما شاكه معشار بعض شكيّتي
وأيسر شوقي أنني ما ذكرتها ... ولم أنسها إلّا احترقت بلوعة
وأخفي الجوى قرع الصواعق منك في ... جواي وأخفى الوجد صبر المودّة
وأسهل ما ألقى من العذل أنني ... أحبّ أقلّي «٩» ذكرها وفضيحتي
وأوج حظوظي اليوم منها حضيضها ... بالأمس وسل حرّ الجفون الغزيرة
وأوجز أمري أنّ دهري كلّه ... كما شاءت الحسناء يوم الهزيمة