مناقبه: وأعظم مناقبه المسجد «١» الجامع بالحمراء، على ما هو عليه، من الظرف والتنجيد، والتّرقيش، وفخامة العمد، وإحكام أتوار «٢» الفضة، وإبداع ثراها «٣» ، ووقف عليه الحمّام بإزائه، وأنفق فيه مال الجزية «٤» ، وأغرمها لمن يليه من الكفّار، فدوا به «٥» زرعا، نهد «٦» إليه صائفته لانتسافه، وقد أهمّتهم فتنة، فظهر بها منقبة يتيمة، ومعلوّة فذّة، فاق بها من تقدّمه، ومن تأخّره من قومه.
جهاده: أغزى الجيش لأول أمره مدينة المنظر، فاستولى عليها عنوة، وملك «٧» من احتوت عليه المدينة، ومن جملتهم الزّعيمة «٨» صاحبة المدينة، من أفراد عقائل الروم، فقدمت الحضرة في جملة السّبي «٩» ، نبيهة المركب، ظاهرة الملبس، رائقة «١٠» الجمال، خصّ بها ملك المغرب، فاتّخذها لنفسه، وكان هذا الفتح عظيما، والصّيت «١١» بمزايه عظيما بعيدا. أنشدني.
ما نقل عنه من الفظاظة والقسوة «١٢» :
هجم لأول أمره على طائفة من مماليك أبيه، وكان سيّىء الرأي فيهم، فسجنهم في مطبق الأريّ من حمرائه، وأمسك مفتاح قفله عنده، وتوعّد من يرمقهم بقوت بالقتل، فمكثوا أياما، وصارت أصواتهم تعلو بشكوى الجوع، حتى خفتت ضعفا بعد أن اقتات آخرهم موتا من لحم من سبقه؛ وحملت الشفقة حارسا كان برأس المطبق، على أن طرح لهم خبزا يسيرا، تنقص أكله، مع مباشرة بلواهم، ونمي إليه ذلك، فأمر بذبحه على حافة الجبّ، فسالت عليهم دماؤه؛ وقانا الله مصارع السّوء، وما زالت المقالة عنها شنيعة، والله أعلم بجريرتهم لديه.
وزراؤه: بقي «١٣» على خطة الوزارة وزير أبيه أبو «١٤» سلطان عزيز بن علي بن عبد المنعم الداني، الجاري ذكره بحول الله في محلّه، متبرّما، بحياته [إلى أن توفي،