حاله: آية الله في الحفظ، وثقوب الذهن، والنجابة في الفنون، وفصاحة الإلقاء، خريج طبعه، وتلميذ نفسه، ومبرز اجتهاده. إمام في العربية، لا يشقّ فيها غباره حفظا وبحثا وتوجيها واطلاعا وعثورا على سقطات الأعلام، ذاكر للغات والآداب، قائم على التفسير، مقصود للفتيا، عاقد للوثيقة، مشارك في الفنون، ينظم وينثر، فلا يعدو الإجادة والسّداد، سليم الصدر، أبيّ النفس، كثير المشاركة، مجدي الصّحبة، بعيد عن التّسمّت. رحل عن بلده مالقة بعد التبريز في العدالة والشهرة بالطلب، واستقرّ بالمغرب، فأقرأ بمدينة أنفا، منوّها به، ثم بسلا، واستوطن بها، رئيس المدرسة بها، مجمهرا بكرسيّها، فارعا بمنبرها بالواردة السلطانية، يفسر كتاب الله بين العشاءين، شرحا كثير العيون، محذوف الفضول، بالغا أقصى مبالغ الفصاحة، مسمعا على المحال النّابية، ويدرس من الغدوات بالمدرسة، دولا في العربية والفقه، أخذه بزمام النبل، مترامية إلى أقصى حدود الاضطلاع. وحضر المناظرة بين يدي السلطان، فاستأثر بشقص «٣» من رعيه، وأعجب بقوة جأشه، وأصالة حفظة، فأنمى جراياته، ونوّه به.
مشيخته: قرأ ببلده على الأستاذين، علمي القطر؛ القاضي العالم أبي عبد الله ابن تبر، والقاضي النظار أبي عمرو بن منظور. وتلا القرآن على المقرئ أبي محمد بن أيوب. وذاكر بغرناطة إمام العربية أبا عبد الله بن الفخّار ورئيس الكتاب شيخنا أبا الحسن ابن الجيّاب. وبالمغرب كثيرا من أعلامه، كالرئيس أبي محمد الحضرمي، والقاضي أبي عبد الله المقرئ وغيرهما «٤» . وهو الآن بحاله الموصوفة قاضيا بشرقي مالقة، وأستاذا بها متكلما، معجز من مفاخر قطره.