حاله: شيخ الأطباء بغرناطة على عهده، وطبيب الدار السلطانية. كان نسيج وحده، في الوقار والنّزاهة، وحسن السّمت، والتزام مثلى الطريقة، واعتزاز الصّنعة؛ قائما على صناعة الطبّ، مقرئا لها، ذاكرا لنصوصها، موفّقا في العلاج، مقصودا فيه، كثير الأمل والمثاب، مكبوح العنان عمّا تثبت به أصول صناعته من علم الطبيعة، سنيّا، مقتصرا على المداواة؛ أخذ عن الأستاذ أبي عبد الله الرّقوطي، ونازعه بالباب السلطاني، لمّا شدّ، واحتيج إلى ما لديه في حكم بعض الأموال المعروضة على الأطبّاء، منازعة أوجبت من شيخه يمينا أن لا يحضر معه بمكان، فلم يجتمعا بباب السلطان بعد، مع التمسّك بما لديهما، وأخذ عن ابن عروس وغيره، وأخذ عنه جملة من شيوخنا كالطبيب أبي عبد الله بن سالم، والطبيب أبي عبد الله بن سراج وغيرهما.
حدّثني والدي بكثير من أخباره في الوقار وحسن الترتيب، قال: كنت آنس به، ويعجبني استقصاؤه أقوال أهل هذا الفن من صنعته، على مشهوره، فلقد عرض عليه، لعليل لنا، بعض ما يخرج، وفيه حيّة، فقال على فتور، وسكونة، ووقار كثير: هذا العليل يتخلص، فقد قال الرئيس ابن سينا في أرجوزته:[الرجز]
إن خرج الخلط مع الحيّات ... في يوم بحران فعن حياة
وهذا اليوم من أيام البحرانية، فكان كما قال.
وفاته: كان حيّا سنة تسعين وستمائة.
أحمد بن محمد بن أبي الخليل، مفرّج الأموي «١»
مولاهم، من أهل إشبيلية، يكنى أبا العباس، وكناه ابن فرتون أبا جعفر وتفرّد بذلك، يعرف بالعشّاب، وابن الرّوميّة، وهي أشهرهما وألصقهما به.
أوّليّته: قال القاضي أبو عبد الله «٢» : كان ولاء «٣» جدّه أحد أطباء قرطبة، وكان قد تبنّاه، وعن مولاه أخذ علم النبات.