الفارسي، وكتاب سيبويه. وسمع جمل الزجّاجي، وغير ذلك من كتب العربية، ممن كان يقرأ في المجلس، وقرأ عليه طائفة كبيرة من تذكرة الفارسي مما يتعلّق بمسائل الكتاب، بعد أن جرّدها من التذكرة. وبلغ الغاية في الفن النحوي، وفاق أصحاب أبي علي بأسرهم.
وفاته: توفي، رحمه الله، في شهر ربيع الآخر «١» من سنة ثمانين وستمائة، وقد قارب التسعين «٢» . [قلت: العجب من الشيخ الخطيب، رحمه الله، كيف لا يذكر للمترجم به، رحمه الله، شرحه لجمل الزجّاجي، بل شرحه الصغير والكبير؟ ولم يكن اليوم على الزجّاجي أجدى منها، ولا أنفع، ولا أقلّ فضولا، ولا أفصح عبارة، ولا أوجز خطابة، ولا أجمل إنصافا، ولا أجود نظرا «٣» ] .
[الكتاب والشعراء وأولا الأصليون منهم]
علي بن محمد بن عبد الحق بن الصباغ العقيلي «٤»
يكنى أبا الحسن، من أهل غرناطة.
حاله: صاحبنا أبو الحسن، من «٥» أهل الفضل والسّراوة والرّجولة والجزالة. فذ في الكفاية، ظاهر السذاجة والسلامة، مصعب لأضداده، شديد العصبة «٦» لأولي ودّه، في أخلاقه حدّة، وفي لسانه نبالة، أخلّا به، مشتمل على خلال من خطّ بارع، وكتابة حسنة، وشعر جيد، ومشاركة في فقه وأدب ووثيقة، ومحاضرة ممتعة. ناب عن بعض القضاة، وكتب الشروط، وارتسم في ديوان الجند، وكتب عن شيخ الغزاة أبي زكريا يحيى «٧» بن عمر على عهده. ثم انصرف إلى العدوة سابع عشر جمادى الأولى من عام ثلاثة «٨» وخمسين وسبعمائة، فارتسم في الكتابة السلطانية منوّها به، مستعملا في خدم مجدية، بان غناؤه فيها، وظهرت كفايته.