للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حداد «١» . نحن في زمن لا يحظى فيه بنفاق، إلّا من عامل بنفاق. شغل الناس عن طريق الآخرة بزخارف الأغراض، فلجّوا في الصّدود عنها والإعراض، آثروا دنيا هي أضغاث أحلام، وكم هفت في حبها من أحلام، أطالوا فيها آمالهم، وقصروا أعمالهم، ما بالهم، لم يتفرغ لغيرها بالهم، ما لهم في غير ميدانها استباق «٢» ، ولا بسوى هواها اشتياق «٣» . تالله لو كشفت الأسرار، لما كان هذا الإصرار، ولسهرت العيون، وتفجّرت من شؤونها الجفون «٤» . فلو أن عين البصيرة من سنتها هابّة، لرأت جميع ما في الدنيا ريحا «٥» هابّة، ولكن استولى العمى على البصائر، ولا يعلم الإنسان «٦» ما إليه صائر. أسأل الله هداية سبيله، ورحمة تورد نسيم الفردوس وسلسبيله، إنه الحنّان المنّان لا ربّ سواه.

ومنها «٧» : فلتات الهبات، أشبه شيء بفلتات الشّهوات. منها نافع لا يعقب ندما، ومنها ضارّ يبقي في النفس ألما. فضرر الهبة وقوعها عند من لا يعتقد لحقّها أداء، وربما أثمرت «٨» عنده اعتداء. وضرر الشهوة أن لا توافق ابتداء، فتصير لمتبّعها «٩» داء، مثلها كمثل السّكر يلتذّ صاحبه بحلاوة «١٠» جناه، فإذا صحا يعرف «١١» قدر ما جناه. عكس هذه القضية هي الحالة المرضية.

مولده: ببلنسية سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، وقيل: بشاطبة سنة أربعين وخمسمائة.

وفاته: توفي بالإسكندرية ليلة الأربعاء التاسع والعشرين لشعبان أربع عشرة وستمائة.

محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن علي بن شبرين «١٢»

يكنى أبا بكر، شيخنا الفقيه القاضي المؤرخ الكاتب البارع، رحمة الله عليه.