جعل الأمر «١» فيه يضرب رقابهم، وسبي أسبابهم؛ ولمّا أكّد على حامله في العجل، وضايقه في تقدير الأجل، تأنّى حتى علم أنه قد وصل، وأنّ غرضه قد حصل. فرّ إلى تلمسان، وهي بحال حصارها، فاتّصل بأنصارها، حالّا بين أنوفها وأبصارها؛ وتعجّب من فراره، وسوء اغتراره، ورجحت «٢» الظنون في آثاره. ثم اتّصلت «٣» الأخبار بتمام الحيلة، واستيلاء القتل على أعلام تلك القبيلة، وتركها «٤» شنعة على الأيام، وعارا في الأقاليم على حملة الأقلام؛ وأقام بتلمسان إلى أن حلّ مخنّق حصارها «٥» ، وأزيل هميان «٦» الضيقة عن خصرها؛ فلحق بالأندلس، فلم «٧» يعدم برّا، ورعيا مستمرّا، حتى أتاه حمامه، وانصرمت أيامه» .
شعره: من «٨» الذي يدلّ على برّه «٩» ، وانفساخ «١٠» خطاه في النّفاسة، وبعد شأوه، قوله:[الكامل]
العزّ ما ضربت عليه قبابي ... والفضل ما اشتملت عليه ثيابي
والزّهر ما أهداه غصن براعتي ... والمسك ما أبداه نقش «١١» كتابي
والمجد «١٢» يمنع أن يزاحم موردي ... والعزم يأبي أن يسام «١٣» جنابي
فإذا بلوت صنيعة جازيتها ... بجميل شكري أو جزيل ثوابي
وإذا عقدت مودّة أجريتها ... مجرى طعامي من دمي وشرابي
وإذا طلبت من الفراقد والسّهى ... ثأرا فأوشك أن أنال طلابي
وفاته: توفي رحمه الله يوم السبت تاسع ربيع الآخر عام خمسة عشر وسبعمائة، ودفن بجبّانة باب إلبيرة، تجاوز الله تعالى «١٤» عنه.