لم يرض غير القلب منزلة فهل ... يا ليت شعري بالذّراع يلوح
ومما نسب لنفسه وأنشدنيه:[الكامل]
ليل الشّباب انجاب أول وهلة ... عن صبح شيب لست عنه براض
إن سرّني يوما سواد خضابه ... فنصوله عن ساقي «١» ببياض
هلّا اختفى فهو الذي سرق الصّبا ... والقطع في السّرقات أمر ماض
فعليه ما اسطاع «٢» الظهور بلمّتي ... وعليّ أن ألقاه بالمقراض
وفاته: توفي، رحمه الله، بغرناطة في السابع عشر شهر ربيع الآخر عام خمسين وسبعمائة، في وقيعة الطاعون، ودفن بباب إلبيرة رحمة الله عليه.
محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن علي ابن محمد اللّوشي اليحصبي «٣»
يكنى أبا عبد الله، ويعرف باللوشي.
أوّليّته: من لوشة، وقرأ العلم بها، وتعرّف بالسلطان الغالب بالله محمد قبل تصيّر الملك له، وتقدم عنده. تضمّن ذكره الكتاب المسمّى ب «طرفة العصر في أخبار بني نصر» ، وتقرر ذلك في حرف الحاء في اسم أبي عمر اللوشي، كاتب الدولة النّصرية، رحمه الله.
حاله: من كتاب «عائد الصلة» : كان، رحمه الله، من أهل الحسب والأصالة، شاعرا، مدّاحا. نشأ مدلّلا في حجور الدولة النصرية، خفيفا على أبوابها، مفضّلا على مدّاحها. ثم تجنّى بآخرة، ولزم طورا من الخمول في غير تشكّ، أعرض به عن أرباب الدّنيا، وأعرض عنه، واقتصر على تبلّغ من علالة مؤمّل كان له خارج غرناطة، غير مساد من ثلمه، ولا مصلح في خلله، أخذ نفسه بالتّقشّف، وسوء المسكن، والتهاون بالملبس، حملا عليها في غير أبواب الرياضة، مجانبا أرباب الخطط، وفيّا لمن لحقته من السلطان موجدة، تختلف معاملته لمن يعرفه في اليوم مرّات، من إعراض عنه، وقبول عليه، ولصوق به، كل ذلك عن سلامة، وتهيّب نفس. مليح الدّعابة، ذاكرا لفنون من الأناشيد، حسن الجدّ، متجافيا عن الأعراض.