وجرى ذكره في «التاج» بما نصّه «١» : شاعر مفلق، وشهاب في أفق «٢» البلاغة متألّق، طبّق مفاصل الكلام بحسام لسانه، وقلّد نحور الكلام «٣» ما يزري بجواهر الملوك «٤» من إحسانه. ونشأ في حجور الدولة النصرية مدللا بمتاته، متقلبا في العزّ في أفانينه وأشتاته، إذ لسلفه الذّمام الذي صفت منه الحياض والحمام، والوداد الذي قصرت عنه الأنداد، والسابقة التي أزرى بخبرها العيان، وشهدت بها أرجونة وجيّان، محيّز ثمرة الطيب. وله همّة عالية، بعيدة المرمى، كريمة المنتمى، حملته بآخرة على الانقباض والازدراء والزهد في الازدياد والاستكثار، والاقتصاد والاقتصار، فعطف على انتجاع غلّته، والتزام محلّته، ومباشرة فلاحة صان بها وجهه؛ ووفّاه الدهر حقّه ونجمه، واحتجبت عقائل بيانه لهذا العهد وتقنّعت، وراودتها النّفس فتمنّعت، وله فكاهة وأنس الزمان مناجاة القينات، عند البيات، وأعذب من معاطاة الرّاح في الأقداح» .
شعره: قال: وله أدب بلغ في الإجادة الغاية، ورفع للجبين من السّنن الرّاية. ومن مقطوعاته يودع شيخنا الفقيه القاضي أبا البركات بن الحجاج:
[الطويل]
رأوني وقد أغرقت في عبراتي ... وأحرقت في ناري لدى زفراتي