للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعليه اجتهد في مسائل الكتاب. وكان مضطلعا بمشكلاته، حسن المذاكرة، مليح المجلس أنيسه، كثير الحكايات، إلّا أنه كان يحكي غرائب شاهدها تملّحا وأنسا، فينمّقها عليه الطلبة «١» ، وربما تعدّوا ذلك إلى الافتعال على وجه المزاح والمداعبة، حتى لجمعوا «٢» من ذلك كثيرا في جزء سموه ب «السّلك «٣» المحلّى، في أخبار ابن أبي جلّا» . فمن ذلك ما زعموا أنه حدّث بأنه كانت له هرّة، فدخل البيت يوما، فوجدها قد بلّت أحد «٤» كفّيها، وجعلته في الدقيق حتى علق به، ونصبته بإزاء كوّة فأر في الجدار، ورفعت اليد الأخرى لصيده، فناداها باسمها، فردّت «٥» رأسها، وجعلت إصبعها في «٦» فمها على هيئة المشير بالصمت. وأشباه ذلك كثير.

وفاته: في حدود ستة «٧» وأربعين وسبعمائة.

[علي بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن علي ابن سمحون الهلالي]

يكنى أبا الحسن.

حاله: كان شيخا جليلا، فقيها، عارفا، نبيلا، نبيها، ذا مروءة كاملة، وخلق حسن، من بيت حسب وعلم ودين. قال أبو القاسم الملّاحي: حدّثني صاحبنا الفقيه الخطيب أبو جعفر بن حسان، قال: كنت أجاوره في بعض أملاكي، وكان له ملك يلاصقني، أتمنى أن أكتسبه، فينتظم لي به ما هو مفترق، فوافقته ذات يوم في القرية، فسألته المعاوضة به، وخيّرته في مواضع في أرضي، فضحك مني، وقال لي: انظر في ذلك إن شاء الله. ثم إنه وجّه لي بعد ذلك بأيام يسيرة، بعقد يتضمن البيع وقبض الثمن مني، فخجلت منه، وراودته في أخذ الثمن، فأبى وقال لي: هذا قليل في حقّك، وكان قد لقي شيوخا أخذ عنهم، وكانت له كتب كثيرة.

وفاته: توفي بالمنكّب صبح اليوم السادس من رمضان عام ستة وتسعين وخمسمائة. ولست أحقق أهو القريب أو سلفه، وعلى كلا التقديرين، فالفضل حاصل.