الفتنة، وبقي منهم معه بعد انصراف زاوي إلى إفريقية، جماعة عظيمة، فانحازوا إلى مدينة غرناطة، وأقام حبّوس بها ملكا عظيما، وحامى «١» رعيّته ممّن جاوره من سائر البرابرة «٢» المنتشرين حوله، فدامت رئاسته.
وفاته: توفي بغرناطة سنة ثمان وعشرين وأربعمائة «٣» .
الحكم بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله ابن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن ابن معاوية «٤»
صفته وحاله: كان أصهب العين، أسمر، أقنى، معسّل اللحية، جهير الصوت، طويل الصّلب، قصير الساقين، عظيم السّاعد، أفصم، وكان ملكا «٥» جليلا، عظيم الصّيت، رفيع القدر، عالي الهمّة، فقيها بالمذهب، عالما بالأنساب، حافظا للتاريخ، جمّاعا للكتب، محبّا في العلم والعلماء، مشيرا للرجال من كل بلد، جمع العلماء من كل قطر، ولم يكن في بني أمية أعظم همّة، ولا أجلّ رتبة في العلم وغوامض الفنون منه. واشتهر بهمّته بالجهاد، وتحدّث بصدقاته في المحلول، وأملته الجبابرة والملوك.
دخوله إلبيرة: قال ابن الفيّاض: كتب إليه من الثغر الجنوبي أن عظيم الفرنجة من النصارى حشدوا إليه وسألوه الممرة «٦» بطول المحاصرة، فاحتسب شخوصه بنفسه إلى ألمرية في رجب سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة، في جحفل لجب من نجدة الأولياء وأهل المراتب. ولما أحلّ إلبيرة ورد عليه كتاب أحمد بن يعلى من طرطوشة بنصر الله العزيز وصنعه الكريم على الرّوم. ووافى ألمريّة، وأشرف على أمورها، ونظر إلى أسطولها وجدّده، وعدّته يومئذ ثلاثمائة قطعة، وانصرف إلى قرطبة.