فأجابني بلسان حال واعتنى ... لا الشمس تحكيها فأحكيها أنا
وصرفت وجهي نحو غصن أملد ... قد رام يشبه قدّها لمّا انثنى
فضحكت هزءا عند هزّ قوامها ... إذا رام أن يحكى قواما كالقنا
وكتبت إليه في غرض يظهر من الأبيات: [الطويل]
جوانحنا نحو اللقاء جوانح ... ومقدار ما بين الدّيار قريب
وتمضي الليالي والتزاور معوز ... على الرغم منّا إنّ «١» ذا لغريب
فديتك عجّلها لعيني زيارة ... ولو مثل ما ردّ اللّحاظ مريب
وإنّ لقائي جلّ عن ضرب موعد ... لأكرم ما يهدى الأريب أريب
فراجعني بقوله، والتجنّي شيمة: [الطويل]
لعمرك ما يومي إذا كنت حاضرا ... سوى يوم صبّ من عداه يغيب
أزور فلا ألفي لديك بشاشة ... فيبعد منّي الخطو وهو قريب
فلا ذنب للأيام في البعد بيننا ... فإني لداعي القرب منك مجيب
وإنّ لقاء جاء من غير موعد ... ليحسن لكن مرّة ويطيب
وإحسانه كثير، وفيما ثبت كفاية لئلّا نخرج عن غرض الاختصار.
محمد بن محمد بن أحمد بن قطبة الدّوسي «٢»
يكنى محمد أبا بكر، أخو الذي قبله.
حاله: تلوه في الفضل والسّراوة، وحسن الصورة، ونصاعة الطّرف، مرب عليه بمزيد من البشاشة والتنزّل، وبذل التودّد، والتبريز في ميدان الانقطاع، متأخر عنه في بعض خلال غير هذا. ذكيّ الذهن، مليح الكتابة، سهلها، جيّد العبارة، متأتّي اليراع، مطلق اليد، حسن الخطّ، سريع بديهة المنثور، معمّ، مخول في التخصّص والعدالة.
كتب الشّروط بين يدي أبيه، ونسخ كثيرا من أمّهات الفقه، واستظهر كتبا، من ذلك «المقامات الحريرية» . وكتب بالدار السلطانية، واختصّ بالمراجعة عمّن بها، والمفاتحة أيام حركات السلطان عنها إلى غيرها. حميد السيرة، حسن الوساطة، نجديّ الجاه،