من أهل مالقة، يكنى أبا عبد الله، ويعرف بابن أبي الجيش.
حاله وأوليّته: أصل سلفه من حصن يسر من عمل مرسية، من بيت حسب وأصالة، ولخؤولته بالجهة التاكرونيّة ثورة.
وقلت فيه في «عائد الصلة» : كان من صدور المقرئين، وأعلام المتصدّرين تفنّنا واضطلاعا وإدراكا ونظرا، إماما في الفرائض والحساب، قائما على العربية، مشاركا في الفقه والأصول وكثير من العلوم العقلية.
قعد للإقراء بمالقة، وخطب بجامع الرّبض.
مشيخته: قرأ على الأستاذ القاضي المتفنّن أبي عبد الله بن بكر، ولازمه. ثم ساء ما بينهما في مسألة وقعت بمالقة، وهي تجويز الخلف في وعد الله، شنّع فيها على شيخنا المذكور. ونسبه إلى أن قال: وعد الله ليس بلازم الصّدق، بل يجوز فيه الخلف، إذ الأشياء في حقه متساوية. وكتب في ذلك أسئلة للعلماء بالمغرب، فقاطعه وهجره. ولمّا ولّي القاضي أبو عبد الله بن بكر القضاء، خافه، فوجّه عنه إثر ولايته، فلم يشكّ في الشّرّ، فلما دخل عليه، رحّب به، وأظهر له القبول عليه، والعفو عنه، واستأنف مودّته، فكانت تعدّ في مآثر القاضي، رحمه الله.
ورحل المذكور إلى سبتة، فقرأ بها على الأستاذ أبي إسحاق الغافقي، ومن عاصره، ثم عاد إلى مالقة، فالتزم التدريس بها إلى حين وفاته.
دخوله غرناطة: دخل غرناطة مرات، متعلّما، وطالب حاج. ودعي إلى الإقراء بمدرستها النّصرية «١» ، عام تسعة وأربعين وسبعمائة، فقدم على الباب السّلطاني، واعتذر بما قبل فيه عذره. وكان قد شرع في تقييد مفيد على كتاب «التسهيل» لابن مالك، في غاية النبل والاستيفاء والحصر والتّوجيه، عاقته المنية عن إتمامه.
وفاته: توفي بمالقة في كائنة الطاعون الأعظم في أخريات ربيع الآخر من عام خمسين وسبعمائة، بعد أن تصدّق بمال كثير، وعهد بريع مجد لطلبة العلم، وحبس عليهم كتبه.