فقه وقراءات وفرائض، من أعلام الحفّاظ للغة، حجّة في العروض والقوافي، يخطط بالقافية عند ذكره في الكتب. وله في ذلك تواليف بديعة. وولّي الخطابة ببلده مدة، وقعد للتدريس به، وانثال عليه الناس وأخذوا عنه. ونسخ بيده الكثير وقيّد، وكان بقطره علما من أعلام الفضل والإيثار والمشاركة.
تواليفه: نظم رجزا شهيرا في الفرائض علما وعملا، ونظم في العروض والقوافي، وألّف كتاب «الدّرة المكنونة في محاسن إسطبونة» ، وألّف تأليفا حسنا في ترحيل الشمس، وسوسطات الفجر، ومعرفة الأوقات، ونظم أرجوزة في شرح ملاحن ابن دريد، وأرجوزة في شرح كتاب «الفصيح» . ورفع للوزير ابن الحكيم كتابا في الخواص وصنعة الأمدّة والتطبّع الشاب، غريبا في معناه.
مشيخته: قرأ على الأستاذ أبي الحسن بن أبي الربيع، ولازمه، وأخذ عنه، وعن أبي القاسم بن الحصّار الضرير السّبتي، وعلى الأستاذ أبي جعفر بن الزّبير بغرناطة، وغيرهم.
شعره: من شعره قوله من قصيدة يمدح ابن الحكيم: [الطويل]
علاه رياض أورقت بمحامد ... تنوّر بالجدوى وتثمر بالأمل
تسحّ عليها من نداه غمامة ... تروي ثرى المعروف بالعلّ والنّيل
وهل هو إلّا الشمس نفسا ورفعة ... فيغرب بالجدوى ويبعد بالأمل؟
تعمّ أياديه البريّة كلّها ... فدان وقاص جود كفّيه قد شمل
وهي طويلة. ونقلت من خطّ صاحبنا أبي الحسن النّباهي، قال يمدح أبا عبد الله الرّنداحي: [الكامل]
أطلع بأفق الرّاح كأس الرّاح ... وصل الزّمان مساءه بصباح
خذها على رغم العذول مدامة ... تنفي الهموم وتأت بالأفراح
والأرض قد لبست برود أزاهر ... وتمنطقت من نهرها بوشاح
والجوّ إذ يبكي بدمع غمامة ... ضحك الربيع له بثغر أقاح
والرّوض مرقوم بوشي أزاهر ... والطّير يفصح أيّما إفصاح
والغصن من طرب يميل كأنما ... سقيت بكفّ الرّيح كأس الراح
والورد منتظم على أغصانه ... يبدو فتحسبه خدود ملاح
وكأنّ عرف الريح من زهر الرّبى ... عرف امتداح القائد الرّنداح
وفاته: ببلده عصر يوم الجمعة الثامن عشر لرجب الفرد سنة سبع وسبعمائة.