ذلك الفقيه الجليل أبو بكر الطّرطوشي «١» في كتابه الذي سماه ب «مراقي العارفين» .
قال: وقد دخل على السّالكين ضرر عظيم من كتب هذا الرجل الطّوسي «٢» ، فإنه تشبّه بالصّوفية ولم يلحق بمذاهبهم، وخلط مذاهب الفلاسفة بمذاهبهم، حتى غلط الناس فيها. على أنّني أقول: إنّ باعه في الفلسفة كان قصيرا، وإنه حذا حذو الشيخ أبي علي بن سينا في فلسفته التي نقلها في المقاصد، ومنطقه الذي نقله في معيار العلم، لكن قصر عنه. وتلك الاعتقادات، منها حقّ ومنها باطل، وتلخيصه لا يتأتّى إلّا لصنفين من الناس، أعني أهل البرهان وأهل المكاشفة، فبحسب ذلك تحتاج كتبه إلى تقدمة علوم البرهان، أو رياضة أهل المكاشفة. ولذلك صنّف هو معيار العلم؛ ليكون الناظر في كتبه يتقدّم، فيتعلّم منه أصناف البراهين، فيلحق بأهل البرهان. وقدّم أيضا تصنيف «ميزان العمل» ليكون المرتاض فيه، وبه يلحق بأهل المكاشفة، وحينئذ ينظر في سائر كتبه. وهذه الرسالة طويلة، تكلم فيها على كتب أبي حامد الغزالي، رحمه الله، بما يدل على تفنّنه، وعلى اضطلاعه، رحمه الله.
[ومن الغرباء في هذا الاسم]
[محمد بن أحمد بن أمين بن معاذ بن إبراهيم بن جميل ابن يوسف العراقي]
ثم الخلاطي، ثم الأقشري الفارسي، وينعت من النّعوت المشرقية بجلال الدين، من بلاد فارس.
حاله: كان من الصّوفية المتجرّدين من المال والعيال، ذا وقار وتؤدة، وسكون ومحافظة على ظاهره. أكثر في بلاد المشرق من الأخذ عن الشّيوخ المحدّثين والمتصوّفين، ثم قدم المغرب، فاستوطن بعض بلاده، ثم أجاز البحر إلى الأندلس عام أربعة وسبعمائة، وأخذ عمّن بها من الشيوخ، ودخل غرناطة. وكان شافعيّ المذهب، يشارك في قرض الشّعر.