وكان مما خاطب به الشيخ أبا جعفر بن صفوان، وقد نشأت بينهما صداقة أوجبها القدر المشترك من الولوع بالصّنعة المرموزة، يتشوّق إلى جهة كانوا يخلون بها للشيخ فيها ضيعة بخارج مالقة كلأها الله: [المتقارب]
رعى الله وادي شنيانة ... وتلك الغدايا وتلك اللّيالي «١»
ومسرحنا بين خضر الغصون ... وودق المياه وسحر الظّلال
ومرتعنا تحت أدواحه ... ومكرعنا في النّمير الزّلال
نشاهد منها كعرض الحسام ... إذا ما انتشت فوقه كالعوالي «٢»
ولله من درّ حصبائه ... لآل وأحسن بها من لآل
وليل به في ستور الغصون ... كخود ترنّم فوق الحجال
وأسحاره كيف راقت وص ... حّ النسيم بها في اعتدال
ولله منك أبا جعفر ... عميد الحلال حميد الخلال
تطارحني برموز الكنوز ... وتسفر لي عن معاني المعالي
وتبدلني في شجون الحديث ... ويا طيبة كلّ سحر حلال
فألقط من فيك سحر البيان ... مجيبا به عن عريض النّوال
أفدت الذي دونها معشر ... كثير المقال قليل النّوال
فأصبحت لا أبتغي بعدها ... سواك وبعدكما لا أبالي «٣»
وخاطب الفقيه العالم أبا جعفر بن صفوان يسأله عن شيء من علم الصناعة بما نصّه: [الكامل]
دار الهوى نجد وساكنها ... أقصى أماني النفس من نجد
وممّا صدّر به رسالة: [الطويل]
أيجمع هذا الشّمل بعد شتاته؟ ... ويوصل هذا الحبل بعد انبتاته؟
أما للبلى آية عيسويّة ... فينشر ميّت الأنس بعد مماته؟
ويورد عيني بعد ملح مدامعي ... برؤيته في عذبه وفراته؟