والقضب رافلة يعانق بعضها ... بعضا إذا اعتنقت غصون قدود
لهفي على ذاك الزمان وطيبه ... وعلى مناه وعيشه المحسود
تلك الليالي لا ليالي بعدها ... عطّلن إلّا من جوى وسهود
كانت قصارا ثم طلن ففيها «١» ... تأتي على المقصور والممدود
وأما ما استند إلى الجبل، فيتصل به البيازين في سفح الجبل، المتصل بالكدية ابن سعد، متّصلا بالكدية المبصلة، المنسوبة لعين الدّمع «٢» ، منعطفة على عين القبلة، متصلة بجبل الفخّار «٣» ، ناهلة في غمر الماء المجلوب على ذلك السّمت؛ أوضاع بديعة، وبساتين رائقة، وجنّات لا نظير لها، في اعتدال الهواء، وعذوبة الماء، والإشراف على الأرجاء، ففيها القصور المحروسة، والمنارة المعمورة، والدّور العالية، والمباني القصبيّة «٤» ، والرياحين النّضيرة، قد فضّ فيها أهل البطالة، من أولي الحبرة، الأكياس، وأرخصوا على النفقة عليها، غالي النّشب «٥» ، تتنازع في ذلك غير الخادمين، من خدّام الدولة على مرّ الأيام، حتى أصبحت نادرة الأرض، والمثل في الحسن. ولهذه البقعة ذكر يجري في المنظومات على ألسنة البلغاء من ساكنيها وزوّارها؛ فمن أحسن ما مرّ من ذلك قول شيخنا أبي البركات «٦» : [الطويل]
ألا قل لعين الدمع يهمي بمقلتي ... لفرقة عين الدمع وقفا على الدّم
وذكرته في قصيدة فقلت:[الكامل]
يا عهد عين الدمع، كم من لؤلؤ ... للدمع جاد به عساك تعود!
تسري نواسمك اللّدان بليلة ... فيهزّني شوق إليك شديد