مفرج هذا؛ وهو محمد بن يحيى بن علي بن مفرج المالقي. وروى عن أبي الحجّاج المتقدّم الذّكر تيسير أبي عمرو الداني، وجمل الزّجّاجي، وأشعار الستّة، وفصيح أحمد بن يحيى بن ثعلب؛ وقفت في ذلك على رقّ أجاز فيه بعض الآخذين عنه، ولم ينصّ فيه على كيفية أخذه لهذا الكتيّب عن أبي الحجّاج. قال: ورأيت في ذلك الرّقّ أوهاما تدلّ على عدم شعوره بهذا الباب جملة، وقبول التّلقين فيه، فلا ينبغي أن يركن إلى مثله فيه. ورأيت بخط بعض أصحابه، أنه تفقّه على أبي ريحانة، ولعلّ ذلك في صغره قبل أن يتحكّم طلبه ويتفنّن، إذ الفنون التي كان يأخذ منها لم يكن أبو ريحانة مليّا بها، ولا منسوبا إليها.
تصانيفه: منها كتاب «الحلية في ذكر البسملة والتصلية» . وكتاب «رصف المباني في حروف المعاني» ، وهو أجلّ ما صنّف وممّا يدلّ على تقدّمه في العربية. وجزء في العروض. وجزء في شواذّه. وكتاب في شرح الكوامل لأبي موسى الجزولي، يكون نحو الموطّأ في الجرم، وكتاب شرح مغرب أبي عبد الله بن هشام الفهري، المعروف بابن الشّواش، ولم يتمّ، انتهى فيه إلى همزة الوصل، يكون نحو الإيضاح لأبي علي.
وله تقييد على الجمل غير تام.
شعره: قال: وشعره وسط، بعيد عن طرفي الغثّ، والثمين أبعد؛ وكان لا يعتني فيه ولا يتكلّفه، ولا يقصد قصده؛ وإنّ ذلك لعذر في عدم الإجادة. قال الشيخ: ولديّ جزء منه تصفّحته على أن أستجيد منه شيئا أثبته له في هذا التّعريف، فرأيت «١» بعضه أشبه ببعض من الغرابة، فكتبت من ذلك، لا مؤثرا له على سواه من شعره؛ بل لمرجّح كونه أوّل خاطر بالبال، ومتلمّح خطّه بالبصر، فمن ذلك قوله من قصيدة، ومن خطه نقلت:[الطويل]
محاسن من أهوى يضيق لها الشرح ... له الهمّة العلياء والخلق السّمح
له بهجة يغشى البصائر نورها ... وتعشى بها الأبصار إن غلس الصّبح
إذا ما رنا فاللّحظ سهم مفوّق ... وفي كل عضو من إصابته جرح
إذا «٢» ما انثنى زهوا وولّى تبخترا ... يغار لذاك القدّ من لينه الرّمح
وإن نفحت أزهاره عند روضة ... فيخجل ريّا زهرها ذلك النّفح
هو الزّمن المأمول عند ابتهاجه ... فلمّته ليل، وغرّته صبح