للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المخيّم بين الجوانح. والله سبحانه المحمود على نعمه، ومواهب لطفه وكرمه، وهو سبحانه المسؤول أن يسنى لسيدي قرار الخاطر، على ما يسرّه في الباطن والظاهر، بمنّ الله وفضله، والسلام على جلاله الأعلى ورحمة الله وبركاته. كتبه المعظّم الشاكر، الداعي المحبّ، ابن رضوان وفّقه الله.

ومما خاطبني به، وقد جرت بيني وبين المتغلب على دولتهم، رقاع، فيها سلم وإيقاع، ما نصه:

يا سيدي الذي علا مجده قدرا وخطرا، وسما ذكره في الأندية الحافلة ثناء وشكرا، وسما فخره في المراتب الدينيّة والدنيوية حمدا وأجرا، أبقاك الله جميل السّعي، أصيل الرأي، سديد الرمي، رشيد الأمر والنّهي، ممدوحا من بلغاء زمانك، بما يقصر بالنّوابغ والعشي، مفتوحا لك باب القبول، عند الواحد الحقّ. وصلني كتابك الذي هو للإعجاز آية، وللإحسان غاية، ولشاهد الحسن تبريز، ولثوب الأدب تطريز، وفي النّقد إبريز، وقفت منه على ما لا تفي العبارة بعجائبه، ولا يحيد الفضل كله عن مذاهبه، من كل أسلوب طار في الجو إعرابا وإغرابا، وملك من سحر البيان خطابا، وحمد ثناه مطالا وحديثا مطابا، شأن من قصر عن شأو البلغاء، بعد الإغياء، ووقف دون سباق البديع بعد الإعياء، فلم يشقّ غباره، ولا اقتفيت إلّا بالوهم آثاره، فلله من سيدي إتحاف سرّ ما شاء، وأحكم الإنشاء، وبرّ الأكابر والإنشاء، فما شئت من إفصاح وكتابة، وبرّ ورعاية، وفهم وإفهام، وتخصيص وإبهام، وكبح لطرف النّفس وقمع، وحفض في الجواب ورفع، وتحرّج وتورّع، وترقّص وتوسّع، وجماع وأصحاب، وعتب وإعتاب، وإدلال على أحباب، إلى غير ذلك من أنواع الأغراض، والمقاصد السّالمة جواهرها من الأعراض، جملة جمعت المحاسن، وأمتعت السامع والمعاين، وحلّت من امتناعها مع السهولة الحرم، إلّا من زاد الله تلك المعارف ظهورا، وجعلها في شرع المكارم هدى ونورا. وأما شكر الجناب الوزاري، أسماه الله، بحكم النّيابة عن جلالكم، فقد أبلغت فيه حمدي، وبذلت ما عندي، وودّي لكم ودي، ووردي لكم من المخالصة لكم وردي، وكل حالات ذلك الكمال، مجمع على تفضيله، معتمد من الثناء العاطر بإجماله وتفصيله. وأما مؤدّيه إليكم أخي وسيدي الفقيه المعظم، قاضي الحضرة وخطيبها، أبو الحسن، أدام الله عزّته، وحفظ أخوّته، فقد قرّر من أوصاف كمالاتكم، ما لا تفي بتقريره الأمثلة من أولي العلم بتلك السّجايا الغرّ، والشّيم الزّهر، وما تحلّيتم به من التقوى والبرّ، والعدل والفضل، والصبر والشكر، ولحمل المتاعب في أمور الجهاد، وترك الملاذ والدّعة في مرضاة