أو كنت أرخصت في التّرجيح مجتهدا ... لم يقبل الورع الفتيا مع الرّخص
يا مدلج ليل التّرجيح، قف فقد خفيت الكواكب، ويا قاضي طرف التّحسين والتّقبيح، تسامت والحمد لله المناكب، ويا مستوكف خبر الوقيعة من وراء أقتام القيعة تصالحت المواكب. حصحص الحقّ فارتفع اللّجاج، وتعارضت الأدلّة فسقط الاحتجاج، ووضعت الحرب أوزارها فسكن العجاج، وطاب نحل الأقلام بأزهار الأحلام فطاب المجاج، وقلّ لفرعون البيان وإن تألّه، وبلّد العقول وبلّه، وولّى بالغرور ودلّه. أوسع الكنائن نثلا، ودونك أيّدا شثلا، وشحرا حثلا، لا خطما ولا أثلا. إن هذان لساحران إلى قوله: ويذهبا بطريقتكم المثلى وإن أثرت أدب الحليم، مع قصّة الكليم، فقل لمجمل جياد التّعاليم، وواضع جغرافيا الأقاليم، أندلسا ما علمت بلد الأجم، لا سود العجم، ومداحض السّقوط، على شوك قتاد القوط، ولم يذر إن محل ذات العجائب والأسرار التي تضرب إليها أباط النّجاب في غير الإقليم الأول، وهذا الوطن بشهادة القلب الحوّل، إنما هو رسم دارس ليس عليه من معوّل. فهنالك يتكلم الحق فيفصح ويعجم، ويرد المدد على النفوس الجريئة من مطالع الأضواء فيحدّث ويلهم، ويجود خازن الأمداد، على المتوسّل بوسيلة الاستعداد، فيقطع ويسهم. وأما إقليمنا الرابع والخامس، بعد أن تكافأت المناظر والملامس، وتناصف الليل الدّامس واليوم الشّامس، باعتدال ربيعي، ومجرى طبيعي، وذكيّ بليد، ومعاش وتوليد، وطريف في البداوة وتليد، ليس به برباه ولا هرم، يخدم بها درب محترم، ويشبّ لقرياته حرم، فيفيد روحانيا يتصرف، ورئيسا يتعرّض ويتعرّف، كلما استنزل صاب، وأعمل الانتصاب، وجلب المآرب وأذهب الأوصاب، وعلم الجواب، وفهم الصواب. ولو فرضنا هذه المدارك ذوات أمثال، أو مسبوقة بمثال، لتلقينا منشور القضاء بامتثال، لكنّا نخاف أن نميل بعض الميل، فنجني بذلك أبخس الجري وإرضاء الذّميل، ونجرّ تنازع الفهري مع الصّميل. فمن خيّر ميّز، ومن حكم أزري به وتهكّم، وما سلّ سيوف الخوارج، في الزمن الدّارج، إلّا التّحكيم، حتى جهل الحكيم، وخلع الخطام ونزع الشّكيم، وأضرّ بالخلق نافع، وذهب الطفل لجراه واليافع، وذم الذّمام وردّ الشّافع، وقطر سيف قطري، بكل نجيع طري، وزار الشّيب الأسد الهصور، وصلّت الغزالة بمسجد الثّقفي وهو محصور، وانتهبت المقاصير والقصور، إلّا أن مستأهل الوظيفة الشّرعية عند الضرورة يجبر، والمنتدب للبرّ محيي عند الله ويجبر، واجعلني على خزائن الأرض وهو الأوضح والأشهر، فيها به يستظهر. وأنا فإن حكمت على التّعجيل،