فقل للعدا ذهب ابن الخطيب ... وفات فمن ذا الذي لا يفوت؟
ومن كان يفرح منهم له ... فقل: يفرح اليوم من لا يموت
وجادت قريحته بشعر الغزل، فسار فيه على خطى ابن زيدون وأمثاله ممّن كانت المحبوبات يقمن بزيارتهم عند قدوم الظلام، كقوله فيمن عاتبته؛ لأنه تناساها «١» :
[البسيط]
زارت ونجم الدّجى يشكو من الأرق ... والزّهر سابحة من لجّة الأفق
والليل من روعة الإصباح في دهش ... قد شاب مفرقه من شدّة الغرق
قالت: تناسيت عهد الحبّ، قلت لها: ... لا والذي خلق الإنسان من علق
وقد أجمع النّقّاد على أنه من كبار وشّاحي الأندلس، برغم أنّ فن التوشيح طمس رسمه في زمانه، وأهمّ موشّحاته تلك التي مطلعها «٢» :
جادك الغيث إذا الغيث همى ... يا زمان الوصل بالأندلس
لم يكن وصلك إلّا حلما ... في الكرى أو خلسة المختلس
وقد عارض فيها موشحة ابن سهل الإسرائيلي الإشبيلي، التي مطلعها «٣» :
هل درى ظبي الحمى أن قد حمى ... قلب صبّ حلّه عن مكنس؟
فهو في حرّ وخفق مثلما ... لعبت ريح الصّبا بالقبس
وتآليفه جيدة في ملح الشعر والخبر، وقد توزّع إنتاجه في التأليف ما بين نظم ونثر، يدور حول الأدب، والتاريخ، والجغرافيا، والسياسة، والطب، وأصول الدين، والتصوّف والشريعة، والموسيقى، والتراجم، بعضه كتبه في غرناطة، والبعض الآخر في المغرب، ويربو على الستّين مؤلّفا، ما بين كتاب ورسالة. وقد أورد ابن الخطيب ثبتا بمؤلّفاته في ترجمته التي عقدها لنفسه في آخر كتابه «الإحاطة»«٤» ، غير أن هذا الثّبت لا يشمل كل كتبه. كما ذكر بعض كتبه ورسائله في كتابيه «نفاضة الجراب»«٥»