شغلتك بالأغيار عنهم مقلة ... إنسانها عن لمحهم وسنان
غمّض جفونك عن سواهم معرضا ... إنّ الصّوارم حجبها الأجفان
واصرف إليهم لحظ فكرك شاخصا ... ترهم «١» بقلبك حيث «٢» كنت وكانوا
ما بان «٣» عن مغناك من ألطافه ... يهمي عليها سحابها الهتّان
وجياد أنعمه ببابك ترتمي ... تسري إليك بركبها الأكوان
جعلوا دليلا فيك «٤» منك عليهم ... فبدا على تقصيرك البرهان
يا لا محا سرّ الوجود بعينه ... السّرّ فيك بأسره والشّان
ارجع لذاتك إن أردت تنزّها ... فيها لعيني ذي الحجا بستان
هي روضة مطلولة بل جنّة ... فيها المنى والرّوح والرّيحان
كم حكمة صارت تلوح لناظر ... حارت لباهر صنعها الأذهان
حجبت بشمسك «٥» عن عيانك شمسها ... شمس محاسن ذكرها التّبيان «٦»
لولاك ما خفيت عليك آياتها «٧» ... والجوّ من أنوارها ملآن
أنت الحجاب لما تؤمّل منهم ... ففناؤك الأقصى لهم وجدان
فاخرج إليهم عنك مفتقرا لهم ... إنّ الملوك بالافتقار تدان
واخضع لعزّهم ولذ بهم «٨» يلح ... منهم عليك تعطّف «٩» وحنان
هم رشّحوك إلى الوصول إليهم ... وهم على طلب الوصال عوان «١٠»
عطفوا جمالهم على أجمالهم ... فحلى «١١» المشوق الحسن والإحسان
يا ملبسين عبيدهم حلل الضّنى ... جسمي بما تكسونه يزدان
لا سخط عندي للذي ترضونه ... قلبي بذاك مفرح «١٢» جذلان
فبقربكم عين الغنا وببعدكم ... محض الفنا ومحبّكم ولهان «١٣»