للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويغضّ «١» البصر، وينخرط في الغمار، ويخلّى عن المضمار، ويجعل من المحظور مداخلة من لا خلاق له، ممّن لا يقبل الله تعالى «٢» قوله ولا عمله، فلا يكتم سرّا، ولا يتطرّق «٣» من الرّجولة زمرا «٤» ، ورفض «٥» الصّحبة زمام السلامة، وترك النّجاة علامة. وأمّا حالي فكما «٦» علمتم ملازم كنّ «٧» ، ومبهوظ «٨» تجربة وسنّ، أزجي الأيام، وأروم بعد التفرّق الالتئام، خالي اليد، مالئ «٩» القلب والخلد، بفضل الواحد الصّمد، عامل على الرّحلة الحجازية التي أختارها لكم ولنفسي، وآمل في التماس الإعانة عليها يومي بأمسي، أوجب ما قرّرته لكم ما أنتم أعلم به من ودّ قرّرته الأيام والشهور، والخلوص المشهور، وما أطلت في شيء عند قدومي على هذا الباب الكريم إطالتي فيما يختصّ بكم من موالاته، وبذل مجهود القول والعمل في مرضاته. وأما ذكركم في هذه الأوضاع، فهو ممّا يقرّ عين المجادة، والوظيفة التي تنافس «١٠» فيها أولو السيادة، والله يصل بقاءكم، وييسّر لقاءكم، والسلام.

وهذا الفاضل ممن جال فيه لاختيار الإمارة أيام مقامه بالعدوة الغربية؛ لذياع فضله، وكرم خلاله. وقفل إلى الأندلس عند رجوع الدولة، فجنى ثمرة ما أسلفه، وقدّم شيخ الغزاة بمالقة، ثم نقل إلى التي لا فوقها من تقديمه شيخ الغزاة بحضرته منّة لا على ميادين حظوته، مقطعا جانب تجلّته، فبلي الناس على عهد ولايته الفتوح الهنيّة، والنّعم السّنية. ولما قفل السلطان، أيّده الله، من فتح قاعدة جيّان، أصابه مرض، توفي منه في ثالث صفر من عام تسعة وستين وسبعمائة، فتأثّر الناس لفقده، لما بلوه من يمن طائره، وحسن موارده ومصادره. وكان قد صدر له المنشور الكريم، من إملائي، بما ينظر في اسم المؤلف، في آخر هذا الديوان.