للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كم بغرناطة وحمص وصلنا ... باصطباح من السرور اغتباقا

في «١» ربى نجد تلك أو نهر هدي ... والأماني تجري إلينا استباقا

في رياض راقت وراق ولكن ... حين ندّ الحيا لها فأراقا

رقّ فيها النسيم فهو نسيب ... قد سبا رقّة نفوسا رفاقا

وثنا للغصون منها قدودا ... تتلاقى تصافحا واعتناقا

كلّما هبّ من صباه عليل ... وتداوى بها العليل أفاقا

حكم السّعد للأحبة فيه ... بكؤوس الوصال أن تنساقا

ثم كرّت للدهر عادة سوء ... شقّ فيها خطب النوى حين شاقا

شتّت الشمل بعد طول اجتماع ... وسقى للفراق «٢» كأسا دهاقا

وأعاد الأوطان قفرا ولكن ... قد أعاد القطان فيها الرفاقا

ليت شعري والعيش تطويه بالفي ... فى «٣» ، أشاما تبوءوا أم عراقا؟

يا حداة القلوب، رفقا بصبّ ... بلغت نفسه السياق اشتياقا

آه «٤» من شجوة وآه لبين ... ألزم النّفس لوعة واحتراقا

هذه، يا سيدي، استراحة من فؤاد وقدته الفرقة والقطيعة، واستباحته لحمى الوقار بما لم تحظره الشريعة، فقديما تشوكيت الأحزان، وتبوكيت الأوطان، وحنّ المشتاق، وكنّ له من الوجد ما لا يطاق، فاستوقف الركب يشكو البلابل، واستوكف السحب لسقيا المنازل، وفدى الرّبع وإن زاده كربا، ومن له إن يلم لائما له تربا.

حسبه دموع تفيض مجاريها، ونجوم يسامرها ويسايرها: [الكامل]

ألف السهاد فشأنه إدمانه ... واستغرقت أحيانه أشجانه

وشكا جفاء «٥» الطّيف إذ لم يأته ... هل ممكن من لم ينم إتيانه؟

واستعبدته صبابة وكذا الهوى ... في حكمه «٦» أحراره عبدانه

كم رام كتمان المحبة جهده ... ودموعه يبدو بها كتمانه