للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نثره: وكلامه حسن، ومقاصده غريبة، رضي الله عنه، ونفع به. كتب إليه الشيخ الصوفي أبو علي بن تادررت، لمّا سافر ولم يودّعه، وكان قد قال له: أغيب عنكم أياما قلائل، وأعود إن شاء الله، فأبطأ عنه:

بسم الله الرحمن الرحيم، الله وحده فقط ليس إلّا وصلواته على ملائه المقرب الأعلى، وعلى سيدهم الخاتم محمد وآله الهداة، وسلامه الحقّ يخصّ العليم بسرّه، في عالم الفرق، ورحمته وبركاته. من أخيه حقيقة في العوالم الأول، لا في عالم العلم الحق، من حيث هو موضوعه بحسب الإضاءة، بمنزله من مدينة بني مدار عمرها الله وأرشدهم، وليس إلّا أني نعتبكم عرفا وعادة، لسفركم دون موادعة، بخلاف سيرتكم الأولى من المشرق الأقصى، إلى المغرب الأقصى، وأمّا بكون حقيقة الأمر الموحد، فلا عتب، بل نقرأ على الماهية سورة الإخلاص التي توحيدها المحض أحاط وأحصى. ثم وعدتم، أنكم ولا بدّ، لا تطول إقامتكم ببجاية كلأها الله، إلّا ليالي «١» قليلة العدد، تأخذون فيها كتبكم وتنفصلون قافلين في أسرع أمد. ثم ظهر غير ذلك من الإقامة إلى هذه المهلة التي نبا كما عندنا الزمان.

وقد ورد من أناس بالتّواتر أنكم ولا بدّ تصومون هنالك رمضان المعظم على الأمان، فقلنا: لحظ البشريّة الحيوانية، وعلمنا أن الأمر ليس سرا لأجل القضايا الحكمية الطّلبية، والمقادير العلمية السرّية. ولا تتحرك ذرّة إلّا بإذنه، ولا يسأل عما يفعل، وهم يسألون في دهره وزمنه، يمحو الله ما يشاء ويثبت، وعنده أمّ الكتاب.

ولكنّا أيضا نقرأ، والله لا يخلف الميعاد. وقد يكون غير الوفاء بالعهد في الخلف لمصالح فيها وعد الله، لا يخلف الله وعده، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. يعلمون ظاهرا من الحياة الدّنيا، والله يفعل ما يشاء. ولا تكن معترضا، فلا تلوم إلّا بحسب فرقنا الأول. وأما من حيث الكمالات الثواني والأول، فلا لوم ولا عتب، لرفع المثنوية، وإحالة الكثرة والإضافة، حتى ليس إلّا الوحدة العلمية المعنوية العليّة.

وبالجملة الله معكم، ولن يتركم أعمالكم، فإن ما يرفع العمد والعماد. قال الله:

ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ

«٢» ، وهو معكم أينما كنتم، والله عليم بما تصنعون.

والرّغبة إلى ذاتكم الكاملة الوجودية، ذات الكمالات العلمية القدسية، أن تعجلوا لي، إذ وأنتم مقيمون هنالك: [الطويل]

وأين يجد في عليّين غرفة ... وإن شغلتم عن نسخها «٣»