للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المرحوم أبي سعيد فرج بن إسماعيل بن نصر، تغمّده الله برحمة من عنده، وجعله في الجنّة جارا لسعد بن عبادة جدّه، وجازى عن الإسلام والمسلمين حميد سعيه، وكريم قصده. قام بأمر المسلمين أحمد القيام، ومهّد لهم الأمن من «١» ظهور الأيام، وجلّى لهم وجه العناية مشرق القسام، وبذل فيهم من تواضعه وفضله كل واضح الأحكام، إلى أن قضى الله بحضور أجله، على خير عمله، وختم له بالسعادة، وساق إليه على حين إكمال شهر الصوم هديّة الشهادة. وقبضه ساجدا خاشعا، منيبا إلى الله ضارعا، مستغفرا لذنبه، مطمئنا في الحالة التي أقرب ما يكون العبد فيها من ربّه. على يد «٢» شقيّ قيضه الله لسعادته، وجعله سببا لنفوذ سابق مشيئته وإرادته، خفي مكانه لخمول قدره، وتمّ بسببه أمر الله لحقارة أمره، وتمكّن له عند الاشتغال بعبادة الله، ما أضمره من غدره، وذلك في السجدة الأخيرة من صلاة العيد، غرة شوال، من عام خمسة وخمسين وسبعمائة، نفعه الله بالشهادة التي كرم منها الزمان والمكان، ووضح منها على قبول رضوان الله البيان، وحشره مع سلفه الأنصار الذين عزّ بهم الإيمان، وحصل لهم من النار الأمان. وكانت ولايته الملك في غرة اليوم الرابع عشر لذي الحجة من عام ثلاثة وثلاثين وسبعمائة. ومولده في الثامن والعشرين لربيع الآخر عام ثمانية عشر وسبعمائة. فسبحان من انفرد بالبقاء المحض، وحتّم الفناء على أهل الأرض، ثم يجمعهم إلى يوم الجزاء والعرض، لا إله إلا هو.

وفي الجهة الأخرى من «٣» النظم، وكلاهما من إملائي، ما نصه: [الطويل]

يحيّيك بالريحان والروح من قبر ... رضى الله عمّن حلّ فيك مدى الدّهر

إلى أن يقوم الناس تعنو وجوههم ... إلى باعث الأموات في موقف الحشر

ولست بقبر إنما أنت روضة ... منعّمة الريحان عاطرة النّشر

ولو أنني أنصفتك الحقّ لم أقل ... سوى يا كمام الزّهر أو صدف الدّرّ

ويا ملحد التقوى ويا مدفن الهدى ... ويا مسقط العليا ويا مغرب البدر

لقد حطّ فيك الرحل أيّ خليفة ... أصيل «٤» المعالي غرّة في بني نصر

لقد حلّ فيك العزّ والمجد والعلى ... وبدر الدّجا والمستجار لدى «٥» الدهر