للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعاد إلى العدوة. ثم أجاز البحر ثانية إلى منازلة حصن ليّيط «١»

، وفسد ما بينه وبين أمراء الأندلس، وعاد إلى العدوة، ثم أجاز البحر عام ثلاثة وثمانين وأربعمائة، عاملا على خلعهم، فتملّك مدينة غرناطة في منتصف رجب من العام المذكور، ودخل القصر بالقصبة العليا منها، واستحسنه، وأمر بحفظه ومواصلة مرمّته، وطاف بكل مكان منه. ثم تملّك ألمرية وقرطبة وإشبيلية وغيرها، في أخبار يطول اقتضاؤها، والبقاء لله.

وفاته: توفي، رحمه الله، بمدينة مراكش يوم الاثنين مستهل محرم سنة خمسمائة. وممن رثاه أبو بكر بن سوّار من قصيدة أنشدها على قبره: [الكامل]

ملك الملوك، وما تركت لعامل ... عملا من التّقوى يشارك فيه

يا يوسف، ما أنت إلّا يوسف ... والكلّ يعقوب بما يطويه

اسمع، أمير المؤمنين، وناصر ال ... دين الذي بنفوسنا نفديه

جوزيت خيرا عن رعيتك التي ... لم ترض فيها غير ما يرضيه

أمّا مساعيك الكرام فإنها ... خرجت عن التّكييف والتّشبيه

في كل عام غزوة مبرورة ... تردي عديد الروم أو تفنيه

تصل الجهاد إلى الجهاد موفّقا ... حتم القضاء بكل ما تقضيه

ويجيء ما دبّرته كمجيئه ... فكأنّ كلّ مغيّب تدريه

متواضعا لله مظهر دينه ... في كل ما تبديه أو تخفيه

ولقد ملكت بحقّك الدنيا وكم ... ملك الملوك الأمر بالتّمويه

لو رامت الأيام أن تحصي الذي ... فعلت سيوفك لم تكد تحصيه

إنا لمفجوعون منك بواحد ... جمعت خصال الخير أجمع فيه

وإذا سمعت حمامة في أيكة ... تبكي الهديل فإنها ترثيه

ومضى «٢» قد استرعى رعيّة أمّه ... فأقام فيهم حقّ مسترعيه

إذا هزبر الغاب صرّى شبله ... في الغاب كان الشّبل شبه أبيه

وإذا عليّ كان وارث ملكه ... فالسّهم يلقى في يدي باريه