تحت حفظ ومبرّة. ثم دالت له الدولة، وعادت إلى ولده الكرة، يوم القبض على نظرائه وقرابته، مترفي حظوته، ولد الشيخ أبي سعيد عثمان بن أبي العلاء، عند إيقاع الفتكة بهم يوم السبت التاسع والعشرين لربيع الأول عام أحد وأربعين وسبعمائة. واستمرّت له الولاية، وألقت عصاها كلفة منه بالكفؤ الذي سلّم له المنازع، إلى أن قبض سلطانه، رحمه الله، فجرى ولده على وتيرة أبيه، ووفّى له صاع وفائه، فجدّد ولايته، وشدا حسّه، ونوّه رتبته، وصدر له يوم بيعته منشور كريم من إنشائي نصّه:
«هذا ظهير كريم منزلته في الظهائر الكريمة منزلة المعتمد في الظّهر الكرام، أطلع وجه التعظيم سافر القسام، وعقد راية العزّ السامي الأعلام، وجدّد كريم المتات وقديم الذّمام، وانتضى للدفاع عن حوزة الدين حساما يقرّ بمضائه صدر الحسام، فأعلن تجديده بشدّ أزر الملك ومناصحة الإسلام، وأعرب عن الاعتناء الذي لا تخلق جديده أيدي الليالي والأيام. أمر به الأمير عبد الله محمد ابن أمير المسلمين أبي الحجّاج، ابن أمير المسلمين أبي الوليد بن نصر، أيّد الله أمره وأعزّ نصره، لوليّه الذي هو عماد سلطانه، وواحد خلصائه، وسيف جهاده، ورأس أولي الدفاع عن بلاده، وعقد ملكه، ووسطى سلكه، الشيخ الجليل الكبير الشهير، الأعزّ الأسنى، الصدر الأسمى، الأحفل، الأسعد، الأطهر، الأظهر، الكذا، أبي زكريا ابن الشيخ الكذا، أبي علي ابن الشيخ الكذا، أبي زيد رحّو بن عبد الله بن عبد الحق، زاد الله قدره علوّا، ومجده سموّا، وجهاده ثناء متلوّا.
لمّا كان محلّه من مقامه، المحل الذي تتقاصر عنه أبصار الأطماع فترتدّ حاسرة، وكان للدولة يدا باطشة، ومقلة باصرة، فهو ملاك أمورها واردة أو صادرة، وسيف جهادها الذي أصبحت بمضائه ظافرة، وعلى أعدائها ظاهرة، وكان له الصّيت البعيد، والذكر الحميد، والرأي السديد، والحسب الذي يليق به التمجيد، والقدر الذي سما منه الجيد، وعرفه القريب والبعيد، والجهاد الذي صدق به في قواعده الاجتهاد والتّقليد، فإن أقام جيشا أبعد غارته، وإن دبّر أمرا أحكم إدارته، مستظهرا بالجلال الذي لبس شارته. فهو واحد الزمان، والعدّة الرفيعة من عدد الإيمان، ومن له بذاته وسلفه علو الشّان، وسمو المكان، والحسب الوثيق البنيان، ولبيته الكريم بيت بني رحّو السّابقة في ولاية هذه الأوطان، والمدافعة عن حوزة الملك وحمى السلطان. إن فوخروا صدعوا بالمكارم المعلومة، ومتّوا إلى ملك المغرب ببنوة العمومة، وتزيّنوا من حلى الغرب بالتيجان المنظومة. فهم سيوف الدين، وأبطال الميادين، وأسود العرين، ونجوم سماء بني مرين. وكان سلفه الكريم، رضي الله